Tuesday 9 October 2007

لا فرق بين جمهوري او ديمقراطي بشأن تقسيم العراق

ما خطط له المحافظون الجدد الامريكيون والصهاينة بمساعدة من تعاون معهم من العراقيين منذ فترة التسعينات شارف علي مرحلته شبه النهائية، ودور حكومة الاحتلال في التنفيذ الاجرامي واضح لا يتحمل الشك والنقاش. فبعد ان غير القوانين العراقية الحاكم الامريكي بول بريمر وهلل لها ابناء الاحتلال، وبعد ان كتب الصهيوني الامريكي نوح فريدمان الدستور العراقي وهلل له ابناء الاحتلال، وبعد اجراء الانتخابات الطائفية العرقية التي اعلنت نتائجها ونسب الفائزين فيها قبل التصويت وهلل لها ابناء الاحتلال، وبعد ان صوتت حكومة الاحتلال وبحضور كل احزابها الطائفية والعرقية علي قانون نهب النفط والغاز وبعد ان منحت كل حثالات الارض الحصانة من العقاب والمساءلة عندما ينتهك عرض المواطن العراقي وتستباح كرامته وحياته، ها هو رئيس وزراء حكومة الاحتلال يصف ما يجري في العراق من مجازر جماعية وحرب ابادة بانه (نصر للبشرية ونموذج فريد من نوعه في البناء الديمقراطي) بينما يصدر مجلس الشيوخ الامريكي قرارا غير ملزم يقر خطة لتقسيم العراق إداريا علي أساس طائفي ينص علي قيام ثلاثة اقاليم شيعية وسنية وكردية تنتظم في إطار حكومة فيدرالية وهو ما يسمح به الدستور الامريكي ـ الصهيوني. وقد وضع اللمسات الأخيرة للخطة السناتور الديمقراطي جوزيف بايدن (لاحظوا انه ديمقراطي وليس جمهوري، وأحد المرشحين للرئاسة في إنتخابات العام المقبل) معلنا بإنها ستتيح التوصل إلي حل سياسي في العراق يسمح للقوات الامريكية في النهاية بالانسحاب دون ان تعم الفوضي العراق. وهو القرار الذي يصفه مؤيدوه بأنه الامل الوحيد لاقامة دولة اتحادية وتفادي فتنة طائفيه في العراق، متناسين وهم يعيشون في حالة فقدان الذاكرة المتعمدة، التي يدعون الاصابة بها كلما تبين لهم حجم الجريمة المهول التي يواصلون ارتكابها في العراق، متناسين بان الفتنة الطائفية والتقسيم العرقي قد تم تصنيعهما في مطابخ لندن وواشنطن وتم ارسالها معلبة مع الجيوش الجرارة وابناء الاحتلال من العراقيين والمرتزقة لتوزيعها في داخل العراق باعتبارها الامل الوحيد لتفادي الفتنة الطائفية وهو حل يماثل ان تفقأ عين فرد ما حرصا عليه من الاصابة بالتراخوما. مايتناساه دعاة تقسيم العراق وهو البلد الذي حافظ علي حدوده الحالية تقريبا منذ آلاف السنين هو ان الجرائم المرتكبة وبنوعيتها ومداها ما كانت ستحدث لولا وجود قوات الاحتلال، وتطوع ابناء الاحتلال بمحاربة (الارهاب) في العراق حماية للامبراطورية الامريكية - الصهيونية، وان معظم القتلي من الضحايا الابرياء هم ضحايا قوات الاحتلال والمرتزقة وشركات الحماية وميليشيات الاحزاب والسياسيين المنخرطين في عملية الاحتلال فضلا عن العصابات التي نمت وازدهرت بفضل الاموال المسروقة والمنهوبة من ابناء الشعب. ففي الاسبوع الماضي فقط ارتكبت شركة بلاك ووتر للمرتزقة جريمة شنعاء بحق المواطنين ومرت الجريمة مرور الكرام بعد ان اطلق ابناء الاحتلال بضعة اصوات هوائية ليظهروا اهتمامهم . وقد تبين وباعتراف القوات الامريكية نفسها بان في كل ثلاث ساعات يقتل مواطن عراقي من قبلهم ولاسباب عديدة من بينها احساسهم بالضجر أو الخوف او الرغبة بالانتقام والتسلية او عند اقتراب المواطن من نقاط التفتيش العديدة او لمجرد انهم يمتلكون السلاح والقوة وتمتعهم بالحصانة من القوانين. ويشير استفتاء الرأي لمؤسسة أو آر بي البريطانية المعروفة الصادر يوم 19 ايلول (سبتمبر) من الشهر الحالي بان 79 بالمئة من سكان بغداد قد فقدوا أحد افراد عائلتهم اما قتلا او خطفا وان عدد الضحايا من المدنيين منذ الغزو قد تجاوز المليون. وقد اصبح نوع القتل الشائع، منذ ان شرعت قوات الاحتلال وبمساندة ابناء الاحتلال بتطبيق خطة فرض القانون، هو القتل بواسطة القصف الجوي وحسب الوصفة الاسرائيلية في العقاب الجماعي وقد لقي آخر ضحايا القصف الجوي مصرعهم يوم الثلاثاء في شمال الحلة وتم قصف منزل وقتل النساء والاطفال فيه في مدينة الوشاش غرب بغداد قبله بيوم. أما اصدار البيانات المبهمة عن عمليات الاشتباك مع (مسلحين) أو قتل (ارهابيين) أو (من تنظيم القاعدة) أو (المقاتلين الاعداء) فحدث عنها ولاحرج، اذ انها الغطاء المفضل من قبل القوات الامريكية لاعتقال وقتل من تشاء وبضمنهم النساء والاطفال الذين غالبا ما توصف جريم قتلهم بانها (أخطاء لم يمكن بالامكان تفاديها).ويبدو احيانا ان البيانات والتصريحات الصادرة من قيادة قوات الاحتلال الامريكي موجهة بالتحديد الي المواطن الامريكي لطمأنته بان النصر الامريكي آت لامحالة وان الوضع في العراق لايشبه فيتنام. ففي البيان الصادر يوم الخميس الماضي عن ادارة قوات الاحتلال للاشارة الي (النجاحات التي حققتها في الرمادي) يوضح المصدر للمواطن الامريكي قائلا: (إن إختلاف هذه المنطقة الخاضعة لإشراف وعمل دوريات القوتين، إختلافاً كبيراً عما يتوقعه المواطن الأمريكي حينما تتبادر الي ذهنه لفظة العراق، أمر يثير الدهشة عموماً، لأنها ليست علي غرار التضاريس الفيتنامية التي في مخيلتهم). واذا ما تركنا جانبا موقف الاحتلال وحكومته التي هي بلا حول ولا قوة من تقسيم العراق المفترض، ما هو موقف ابناء الشعب العراقي عموما؟ ان موقفهم هو موقف المندهش من وجود مخلوقات قد تفكر بهذه الطريقة، وهذا الموقف ليس نابعا من سذاجة المواطن أو هلوسة الاحلام والتمنيات بل انه مستند الي حقيقة تاريخية متمثلة بوحدة الوطن والشعب عبر آلاف السنين، وهو موقف لن يتمكن الامريكي من فهمه لسببين، الاول لكونه ابن بلد أسسه المهاجرون قبل قرنين أو ثلاثة من الزمن ويجهل معني التواصل التاريخي والحضاري، والثاني لانه محتل مهووس بالسياسة التوسعية للامبراطورية الامريكية. أما بالنسبة الي العراقي المتعاون مع الاحتلال فانه سيتعامي عن رؤية الحقيقة لسببين ايضا الاول لانه قد ربط مصالحه بمصالح المحتل ومنافعه الشخصية والثاني لانه عاد مع المحتل وقد أفقدته روح الثأر والانتقام القيم والمعايير الاخلاقية. ونحن نري هولاء العملاء يدورون دوران الثور الاعمي بحثا عن حل دولي أو إقليمي أو عبر صفقات طائفية أو عرقية، وأعينهم تارة علي تخبط أسيادهم وتارة اخري علي ما يدخل في جيوبهم من المال الحرام. ان الحل في العراق لن يأتي من تغيير في الإدارة أو السياسة الأمريكية. فالحزبان المتناوبان علي السطة منذ نشوء الدولة لا يتنافسان حول إحقاق الحقوق أو العدالة بل عن أنجح الطرق لإدارة الأمبراطورية المتهاوية، وأرباح الشركات الكبري. ولنتذكر أن الديمقراطي المحبوب جون كينيدي ووريثه لندن جونسن كانا المسؤولين الأساسيين عن كارثة فيتنام . كما ان الحل لن يأتي مما يسمي بالقوي الإقليمية، والتي لا يمكن أن تتواجد في مئات المدن و القري حيث سيتقرر مصير البلاد في نهاية المطاف. الحل لا يأتي الا من داخل العراق وبأيدي العراقيين أنفسهم عبر أشكال مقاومتهم، وبالأخص عن طريق العمليات النوعية أوالإستنزافية التي تقودها المقاومة العراقية الباسلة. وهي عمليات موجهة ضد العدو الامريكي الصهيوني وما عداهما هي عمليات ارهابية تنفذها قوات الاحتلال وعملاؤها ومرتزقتها هدفها قتل وتشريد المواطنين الابرياء.