Sunday 1 June 2008

قوات الاحتلال تقتل عراقيا كل ثلاث ساعات قربانا لسلامتهم

قتل المرتزقة الموظفون في العراق لحماية قوات الاحتلال وعملائها، عصر يوم الثلاثاء الماضي، في منطقة المسبح
وسط بغداد، مواطنتين عراقيتين هما مارو أوانيس البالغة من العمر 48 عاما وهي أم لثلاث بنات، وجنيفا جلال البالغة من العمر 30 عاما.كانت مارو وجنيفا في السيارة في طريقهما الي البيت ولعلهما من القلة من النساء اللواتي لا يزلن يخاطرن بحياتهن ويتجرأن علي قيادة السيارة والتنقل في شوارع مدينتهن المحتلة. المدينة التي صارت مرتعا لمحتليها من الغزاة العسكريين والمرتزقة المتمتعين بالحصانة المطلقة ضد القوانين، والميليشيات المأجورة لكل صاحب مال ونفوذ سواء كان يتحلي بمرجعية القرون الوسطي أو علمانية وليبرالية المحافظين الجدد الصهيونية، بينما يسجن ابنائها وبناتها خلف الجدران الطائفية العازلة والاسلاك الشائكة وحواجز عسكر الاحتلال المطالبة بقياسات بؤبؤ العين لأثبات صلاحية ابناء البلد للمرور في شوارع مدينتهم والعودة الي بيوتهم. وجاء قتل المرأتين وفي وضح النهار وعلي مرأي من شهود العيان ليضيف جريمة جديدة ومأساة الي المآسي الماضية أمام عيوننا بسرعة مذهلة، لا نستطيع متابعتها، لفرط هولها ، او حتي التوقف لتأملها وفهم مغزاها لكثرة ما تحصد من ارواح الضحايا الذين زاد عددهم علي المليون شهيد، بينما يحدثنا المرتزقة العراقيين ابناء الليبرالية الصهيونية التي تغنت بقصف بغدادنا الحبيبة، مدينة المدن، وحاضرة الموسيقي والفنون والانجازات الادبية والعلمية، مدينة المساجد والكنائس والمعابد، بانها موسيقي يطربون لسماعها ، أو لا يزالون يتنافسون علي بيع دم العراق وتمزيق أوصاله، مفترضين ان العراق صحراء خالية من السكان وبلا أهل يحمونه ويدافعون عنه. ومما يزيد الجرح نزفا والأهانة عمقا أن تقتل مارو وجنيفا من قبل شركة مرتزقة وظفت لحماية مرتزقة آخرين، وان اعلانها عن مسؤوليتها المغلف باعذار كاذبة سيمر مرورا عابرا وسيقبله الخانعون من المرتزقة العراقيين بعد أصدار بضعة اصوات احتجاج هوائية وتشكيل لجنة تحقيق لغرض الاستهلاك الاعلامي. فقد أعلنت شركة المرتزقة (يونيتي ريسورسيز جروب للخدمات الأمنية واللوجستية) في بيان لها مسؤولية عناصرها عن مقتل امرأتين في منطقة المسبح وسط بغداد لأن السيارة التي كانت تقودها احدي المرأتين كانت متجهة بسرعة نحو موكبهم مما اضطرهم لاطلاق النار! ان قتل السيدتين ليس صدفة او مجرد حادث. لقد قتلت السيدتان ضمن سلسلة من الجرائم المتكررة في جميع انحاء العراق وهي جرائم تطلق عليها قوات الاحتلال في وثائقها وبياناتها الرسمية مصطلح (حوادث العنف المتسارع) ومعناه علي ارض الواقع هو اطلاق النار علي المواطنين وبضمنهم النساء والاطفال في حال ارتأت قوات الاحتلال انهم يشكلون، حسب تقديرها، تهديدا لها. ويستخدم المصطلح لاضفاء صبغة انسانية علي جرائم القتل البشعة المستهدفة للمواطنين الذين لا يتوقفون عندما تطالبهم قوات الاحتلال او المرتزقة بالوقوف الفوري او عند اقتراب المواطنين بسياراتهم من حافلات وناقلات العدو مسافة تقل عن المئة متر. وفيما يخص السيدتين مارو وجنيفا فقد لخص رئيس المجلس البلدي في حي الكرادة محمد الربيعي ظروف الجريمة بقوله إن قافلة تابعة لشركة حماية خاصة أجنبية أطلقت النار علي سيارة بها امرأتان تجاوزت القافلة بالخطأ فقتلتهما علي الفور مشيرا إلي أن سيارات الحماية لم تتوقف بل استمرت في مسيرتها نحو المنطقة الخضراء. وبطبيعة الحال ليس بامكان أحد غير المحتل واعوانه وحمايته من دخول المنطقة الخضراء. وحسب قناة السي أن أن الامريكية فان الشركة التي تتخذ من دبي مقراً لها، إضافة إلي مكاتب داخل العراق، تعمل مع منظمة غير حكومية تدعي ريسيرتش تراينغل إنترناشونال. وهي واحدة من المنظمات الامريكية (المستقلة) التي عملت مع هيئة المساعدات الامريكية التابعة للحكومة الامريكية والتي نشطت بشكل خاص في فترة الانتخابات وساهمت في اقامة مؤتمرات وورشات عمل لتعليم العراقيين والنساء منهم خاصة علي (الديمقراطية وبناء العراق الجديد) ومقر الشركة الرئيسي في كارولينا الشمالية. وتشير لجنة تقدير التعويضات الامريكية للضحايا العراقيين فضلا عن التقارير الرسمية للبنتاغون الذي كان، الي وقت قريب، يرفض حساب او توثيق عدد الضحايا العراقيين، تهربا من المسؤولية وطمسا للحقيقة، بان قوات الاحتلال تقتل عراقيا واحدا كل ثلاث ساعات ضمن تصنيف حوادث العنف المتسارع فقط. وعلينا ان ننتبه هنا الي أن توثيق لجنة التعويضات لا يعطي العدد الفعلي لكل الضحايا لأن اللجنة لا تسجل غير المتقدمين لطلب التعويض وليس الآلاف ممن لا يعرفون كيف يتقدمون بالطلبات او ممن يتم ترويعهم الي حد التخلي عن المتابعة أو لانهم يشعرون بالاحباط من العملية كلها وايمانهم بان ما سيدفع لهم لن يعوضهم عن خسارتهم الكبيرة في أحبائهم. ولسنا نبالغ عندما نقول ان الضحايا قد تجاوزوا الآلاف اذ تقوم قوات الاحتلال والمرتزقة بقتل كل (حاجي) يقترب منها ولقب الحاجي باللهجة العراقية او الحاج بالفصحي هو المفردة التي يصف بها المحتل العراقيين استهزاء واحتقارا ويستخدمها للاناث أيضا بعد اضافة كلمة فتاة لتصبح بالانكليزية (حاجي جيرل). وحاجي جيرل هو المصطلح الشائع بين جنود الاحتلال في حديثهم وأغانيهم عندما يحلمون بقتل النساء العراقيات أو اغتصابهن. والمعروف ان قوات الغزو الامريكي لفيتنام كانت قد استخدمت مصطلح (جوكز) المهين لكل من يقاومهم من الفيتناميين. واسباب قتل جندي الاحتلال والمرتزقة للعراقيين كثيرة من بينها الكراهية والضجر والعنصرية ويلخص الجندي الامريكي جف انجلهارت اثناء ادلائه بشهادته عن مجزرة حديثة احساس جنود الاحتلال وهم يقتلون المواطن العراقي بان (العراقي الميت هو مجرد عراقي ميت آخر). أما بالنسبة الي السياسيين الامريكيين فان قتل العراقي، في احسن الأحوال، ماهو غير خطأ لم يكن بالامكان تفادي ارتكابه حسب تعبير السناتور الديمقراطي باتريك ليهي رئيس اللجنة القضائية في الكونغرس والمتعاطف في تصريحاته مع قضية الضحايا العراقيين! ولا يتم التحقيق في جرائم العنف المتسارع او يتم التحقيق في بعضها بشكل رمزي ولمجرد ذر الرماد في العيون لسببين ، الاول لأن المرتزقة والعسكر معصومان من القوانين العراقية وثانيا وحسب تصريح الملازم جوناثان مورجنشتاين من وحدة التحقيقات المدنية التي تم تكوينها لمراجعة قضايا التعويضات في الجيش الامريكي لعامي 2004 ـ 2005 لصحيفة نيشن في 11 تموز 2007، (لا يمكننا اجراء التحقيق لانها تحدث بكثرة وسنقضي كل وقتنا في التحقيقات). أما بالنسبة الي موقف ادارة الاحتلال من جريمة القتل الجديدة فقد سارعت الناطقة باسم السفارة الأمريكية في بغداد للتصريح بإن السفارة لا علاقة لها بالموكب الأمني الذي أطلق النار علي النساء، والمعروف ان موقف الادارة الامريكية واضح اذ صرح جورج بوش يوم 9 تشرين الاول (اكتوبر) بأنه سيعارض أي مشروع قانون يسمح بإخضاع المتعاقدين الأمنيين الذين يعملون في الخارج إلي أحكام القانون الأمريكي، محذراً أن ذلك سيترك آثاراً لا يمكن تحملها علي أمن البلاد. أن دماء السيدتين القتيلتين ستبقي مثل حبل من مسد في أعناق مسؤولي حكومة الاحتلال. وهي جريمة واضحة تقع مسؤوليتها المباشرة عليهم وعلي أسيادهم مهما حاولوا تغطية الحقيقة بتشكيل لجان تحقيق وهمية. أن الظلم الواضح المباشر، غالبا ما يتركنا مذهولين ، مهما كان متوقعا، ربما لصفاقة المجرمين غير المحتملة. كما يتركنا وعلي ألسنتنا سؤال قد يبدو ساذجا الا انه وليد الغم الذي لم يعد القلب يتحمله، السؤال هو كم من الضحايا سنخسر بعد قبل أن يصحو مرتزقة الاحتلال ليتحملوا مسؤولية الجرائم البشعة التي ارتكبت في ظل حكوماتهم ، خصوصا، وأن من بينهم من قضي عقودا من الزمن كناشط في حقوق الانسان مطالبا النظام السابق بدفع ثمن جرائمه؟