Sunday 1 June 2008

الموصل الفيحاء لن تحني رأسها للمحتل الامريكي


هذه ليست المرة الاولي التي تهاجم فيها قوات الاحتلال البربري مدينة الموصل. فقد حاصرتها في حزيران 2006 بهدف (السيطرة علي المسلحين في المدينة)، حسب ادعائها، كما قامت قوات الاحتلال منذ عام 2003 بالعديد من العمليات العسكرية التي سببت سقوط مئات الضحايا في المدينة وحرمت أهل الموصل من الأمان والاستقرار لشهور.ويأتي الهجوم الجديد علي الموصل كامتداد شرس لسلسلة اعمال العنف التي شنها الاحتلال علي اهلنا في العديد من المدن مثل الفلوجة والنجف وسامراء وكركوك وديالي وتلعفر والديوانية ومناطق بغداد كمدينة الصدر والأعظمية والفضل والدورة وغيرها. وها هي تستهدف الموصل في حملة عسكرية بحجة (لجوء عناصر القاعدة بعد فرارها من الأنبار) حسب تصريحات قيادة الاحتلال والتكرار الببغائي او التضليلي لاجهزة الاعلام. وقد تنوعت أعذار الهجوم ومحاصرة المدن الباسلة المقاومة للاحتلال من محاربة الارهاب العالمي الي مطاردة فلول الصداميين والعرب الشوفينيين القوميين مرورا بالاسلاميين الارهابيين. ويأتي الاستعداد للهجوم المشترك لقوات الاحتلال الامريكية وعملائها علي الموصل كغطاء واق لارهاب حكومة الاحتلال نفسها، والذي تبدي بابشع صوره في مذبحة الزنجيلي التي خلفت المئات من القتلي والجرحي وتسببت في دمار هائل لم تشهد له المدينة التاريخية مثيلا. وكان المالكي، رئيس وزراء حكومة الميليشيات، كعادته وعادة من سبقه من حكام الاحتلال، قد سارع لاطلاق بعض التصريحات الهوائية تنفيسا عن حالة الاحتقان التي يمر بها كلما أحس بحبل التهديد الامريكي بتغييره يلتف حول عنقه. فبعد ان وجهت كوندوليزا رايس انذارا له لتشكيل حكومة جديدة، وقف امام الصحافيين بشكله الرمادي معلنا (عزم حكومته وحلفائها علي تطهير آخر معقل للقاعدة في العراق وان الهجوم الذي ستشنه القوات العراقية والامريكية في الموصل، نهائي وحاسم). وكما هو معلوم للجميع، لقد اصبحت مفردة القاعدة مرادفة للارهاب العالمي والمثلث السني والاسلاميين والمتمردين والمارقين وغيرها من الصفات التي يخترعها مسؤولو اعلام العدو ويغردها اعلام الاحتلال علي اختلاف لغاته وجنسياته. ان الترويج الاعلامي للهجوم علي الموصل جاء في البداية تغطية للاخفاقات العسكرية المهينة لجيش الاحتلال ومن اجل التظاهر بتحقيق (النجاحات) في فترة تصاعد حمي الانتخابات الامريكية وللتشويش علي فشل ميليشيا الصحوة ومجموعات الاسناد وغيرها من الميليشيات التي تهدد قوات الاحتلال، يوميا، بالانسحاب اذا لم تجدد عقودها معها.وكان الجيش الأمريكي قد بدأ منذ أواسط العام الماضي عبر وساطات وصفقات سياسية مختلفة بترتيب 150 عقدا تجاريا ـ أمنيا لمدة تتراوح من ثلاثة الي ستة أشهر خارج سلطة المنطقة الخضراء، تلتزم بموجبها جماعات محلية ما، أغلبها عشائرية، بواجبات الشرطة مع منع حركة القوات الحكومية في المنطقة الا بشكل رمزي. ويقال ان هذه الجماعات تضم ما بين 70 الي 80 ألف مسلح، من بينها عناصر من المقاومات المحلية التي كانت تحارب قوات الأحتلال، بالاضافة الي وحسب شهادات الكثيرين، عناصر منخرطة في الجريمة والفساد تحت غطاء المقاومة. وان صح ذلك فهو، بصرف النظر عن تعقيداته، تحول نوعي يوحي بإستعداد المحتل لمثل هذه الصفقات مع المقاومات المحلية المتفرقة في حين ترفضها حكومة المالكي المتخوفة من تفضيل الأمريكيين لجماعات تبدو أكثر حضورا علي الأرض. ويبدو أن أكثر هذه العقود توشك علي الانتهاء خلال شهر أو شهرين، وبحاجة للتمديد. وتشتكي قوات الصحوة من عدم دفع الرواتب لافرادها بشكل منتظم، وأصبحت تفقد زخمها، كما يرفضها أكثر العراقيين الذين يرومون عودة سلطة القانون والدولة علي نطاق البلد ككل لا تفتيته الي إمارات أصغر فأصغر. وبقيت محافظة الموصل من بين المناطق الرئيسية التي لم يجد الاحتلال من جهته أو حكومته العراقية من جهتها فيها من يسير حسب هواهم. لهذه الأسباب أصبحت خطة شن الهجوم علي مدينة الموصل وأهلها ضرورية وملحة، مهما كانت نتائجها البشرية وما سيلحق باهلها من خراب وتدمير. وتهيأت حكومة الاحتلال لوقوع الكارثة الانسانية بانها انما (تحارب في المعقل الاخير للقاعدة). بينما يعلم الكل ان الهجوم علي اهل الموصل ما هو الا عقاب جماعي باسلوب امريكي ـ صهيوني لان أهل الموصل قاطعوا انتخابات الاحتلال ورفضوا الانخراط في قوات امن ومخابرات الاحتلال، كما رفضوا الانضمام الي قوات الصحوة الطائفية المدفوعة الاجر امريكيا، متمسكين بوطنيتهم وهويتهم علي الرغم من كل المغريات المبذولة لهم. وتواجه مدينة الموصل التي يجب ان تكون واحدة من مدن العالم المحمية لكثرة معالمها التاريخية والحضارية، خطر التفجيرات والقصف الجوي الذي تتعرض له بقية المدن منذ بدء عملية فرض القانون واعتماد العدو عليه حماية لحياة افراده. وكما اعلنت حكومة الاحتلال، اخيرا، سيشارك في عملية الهجوم علي الموصل آلاف الجنود يرافقها دعم أمريكي يتمثل بثلاثة ألوية وأسراب من الطائرات. وقد تضاعف القصف الجوي خمس مرات في عام 2007 مقارنة بالعام الذي سبقه، حيث قصفت طائرات العدو منذ أيام 17 موقعا في مدينة بعقوبة في محافظة ديالي. وكالعادة اعلن جيش العدو في بيان له، إن طائراته قصفت عددا من المباني التي كانت تستخدمها (شبكة القاعدة في العراق) كمخازن للأسلحة، إضافة إلي معسكرات للتدريب، وان (جنود التحالف قتلوا ثلاثة إرهابيين مشتبهين، واعتقلوا خمسة آخرين في حملات أخري شملت عدة مناطق من بينها ديالي، وأبوغريب غربي ومدينة الموصل). كما تواصل قوات العدو عمليات المداهمات الليلية والاعتداءات علي حرمة البيوت والمساجد والجامعات. فالعدو، وكما اثبتت سنوات الاحتلال المريرة، يجد لذة قصوي في القتل والتعذيب واهانة اهل البلد المحتل بينما يقف العملاء من الساسة علي جانبي الطريق وهم يصفقون له. ان من تتاح له فرصة قراءة مواقع جنود العدو الامريكي الالكترونية ويومياتهم، المنشورة بشكل مدونات وصور يلتقطونها ويبثونها، اما باسمائهم الصريحة او باسماء مختلقة، سيتمكن من فهم بعض مجريات الامور اليومية، المهمشة، من قبل اجهزة الاعلام، التي نادرا ما يشير اليها أحد من غير العراقيين المتعرضين للاعتداءات والانتهاكات بشكل مستمر. وتبين المواقع ان جرائم الاحتلال متنوعة ومتعددة وان جنود العدو يتفننون في اختراع كل ماهو مهين ومقزز. فعلي موقع اسمه (آرمي اوف ديود)، كتب صاحب الموقع وبتاريخ 18 شباط (فبراير) 2008، عن واحد من وجوه التسلية التي يلجأ اليها الجندي في فرقته وهو تهشيم وحرق السيارات الواقفة امام البيوت او الموجودة في كراجات البيوت التي يداهمونها، فضلا عن تخريب الاثاث والمحتويات وسرقة ما يرغبون فيه. ويسترسل الجندي بالكتابة وباسهاب عن صديقه بيل الذي يتغوط في غرفة أحد البيوت ولا يجد منديلا ورقيا ليمسح به فيستخدم الشراشف والستائر ثم يلوث ملابس أهل البيت. ويعتبر جندي العدو اراضينا الخضراء واشجارنا، خاصة النخيل، اعداء يجب اجتثاثهم والتخلص منهم باية طريقة كانت. لانها توفر الحماية (للارهابيين)، أي العراقيين، وتعرض حياته للخطر. لذلك يجد جندي العدو الامريكي متعة كبيرة في تقطيع الاشجار وحرق البساتين. وتشير تفاصيل بعض المواقع واخبارها ومتابعة بعض المحاكمات التي فضحت جرائم قوات الاحتلال، ان واحدة من طرق التسلية للعدو الامريكي هي قنص المواطنين العراقيين ومراقبتهم وهم يتلوون ويصرخون ألما علي ارض الشارع أو قتلهم في البيوت ووضع بندقية او سلاح بجانب الضحايا ليتمكنوا من الادعاء بان الضحايا هم من (الارهابيين أو القاعدة).ليست هذه الجرائم البشعة مقتصرة علي العراق بل هي مادة الحرب الوحشية وإسلوب طالما استعمله المحتلون لإركاع الناس وإذلالهم. وقد أثبت ابناء العراق بانهم لا يختلفون عن الشعوب الاخري من فيتنام الي الجزائر في دفاعهم عن حريتهم واستقلالهم وكرامتهم. فالمقاومة الوطنية، مهما يصفها المحتل ومهما يحاول تشويهها من خلال الاغراءات المادية والصراعات الاهلية، تواصل عملياتها الموجهة ضد المحتل وقواعده ومصالحه.وإذا كانت الدلائل تشير أن الجيش الأمريكي بدأ يوسع في خياراته حول الموصل ويخلط بين الصفقات الادارية والعسكرية والسياسية في المحافظة ملوحا بالهجوم العسكري تارة وبالمساومات المحلية تارة أخري، وواعيا لتزايد الهجمات في محيط بغداد، بخسائرها وتأثيرها الأعلامي، فان الموصل ستبقي، بكبرياء اهلها، نسيجا في ملحمة التحرر الوطني التي يخوضها ابناء العراق التواقون للحرية.