Sunday 1 June 2008

احتفالات عيد المرأة في العراق الجديد

2008/03/09
تحتفل النساء اليوم، في جميع انحاء العالم تقريبا، بعيد المرأة العالمي حيث تقام الاحتفالات والمهرجانات التكريمية لانجازات المرأة. وهي واحدة من المناسبات التي تربينا علي الاحتفال بها في العراق الجمهوري، ولم تغب عن تقويمنا السنوي الا نادرا.فما الذي حل بهذه المناسبة في ظل الاحتلال وحكومات الاحتلال المتعاقبة؟ من الناحية السياسية لدينا حصة مقدارها 25 بالمئة من مجموع النواب. وهي نسبة تزيد علي نسبة النساء في العديد من برلمانات العالم مع بعض الاختلاف. فالنساء المشاركات لم يتم اختيارهن بناء علي الكفاءة بل ان حالهن حال الرجال تم الاختيار وفقا للمحاصصة الطائفية والعرقية، وان بدت الصورة من الخارج وكأن وجودهن تم اعترافا بحقوق المرأة، وانجازا نالته تحت حكومة الاحتلال. وبالاضافة الي غياب صوت المرأة في البرلمان، وانا اتعمد ذكر كلمة الصوت، لان هناك عضوة في البرلمان لا تتحدث اطلاقا وتلتزم الصمت المطبق اثناء حضورها ايمانا منها بأن (صوت المرأة عورة). بالاضافة الي غياب التمثيل الحقيقي للمرأة نلاحظ ان هناك بضع نساء هن اللواتي يدلين بآرائهن، ومعظم هذه الآراء تمثل رأي الحزب او القائمة او الكتلة التي تنتمي النائبة اليها، ولم يحدث وأن وقفت النائبة يوما مدافعة عن حقوق شقيقاتها من النساء ضد او اختلافا مع حزبها او كتلتها. وقد استخدمت نسوة البرلمان، أحيانا، وفي اوقات الفضائح الاعلامية المستهدفة لحكومة الاحتلال، كما حدث اثناء فضيحة ملجأ الحنان للمعوقين، للتستر علي الفضيحة ولتبرير الاهمال المخزي للحكومة. ولن اسرد هنا تفاصيل الجرائم التي ارتكبت بحق المرأة العراقية سواء من قبل قوات الغزو والاحتلال او قوات الشرطة والمخابرات العراقية المدربة من قبل القوات الامريكية والبريطانية، والتي تتراوح مابين الاعتقال والاهانة والانتهاك الجسدي والقتل الي الاغتصاب الجماعي، وهذه الجرائم البشعة موثقة سواء من قبل منظمات حقوق الانسان والمرأة العراقية المستقلة او المنظمات الانسانية العالمية، ولن يفلت مرتكبوها من المساءلة والعقاب مستقبلا، لا لغرض الانتقام، كما يحدث في العراق اليوم، بل من اجل ارساء حكم القانون والدفاع عن حقوق الانسان بشكل حقيقي بعيدا عن اجترار الكلمات وترديد نغمة تحرير المرأة وحقوقها تضليلا للناس. ما سأفعله هو تقديم خلاصة لبعض ما تعرضت له المرأة العراقية في الاسابيع القليلة الماضية، فحسب، كنموذج لما تعانيه يوميا تحت الاحتلال. ففي يوم 4 آذار (مارس)، اعلن قائد عمليات ديالي اللواء الركن عبد الكريم الربيعي ان القوات العراقية اعتقلت ثلاث نساء مع شقيقهن بتهمة حيازتهن علي كميات من مادة (تي ان تي)، ونحن نعلم من متابعتنا لافعال (القوات العراقية) ومن تقارير منظمات حقوق الانسان المحلية والعالمية بأن النساء، غالبا، مايتم اعتقالهن في عمليات الدهم الليلية كرهينات واسيرات للضغط علي ازواجهن واقاربهن، غير الموجودين في البيت وقت المداهمة، لكي يسلموا انفسهم ويعترفوا بانهم (ارهابيون) ومن تنظيم (القاعدة). ولان الصحافة المستقلة القادرة علي كتابة التقارير غير موجودة اذ تم اغتيال عدد كبير من الصحافيين وآخرهم نقيب الصحافيين شهاب التميمي وترويع البقية، ولأن القضاء المستقل موجود اسميا، ولأن المحامين يخشون علي حياتهم اذا ماحدث وتدخلوا لصالح المعتقلين، نجد ان قادة العمليات العسكرية من العراقيين وقوات الاحتلال والمرتزقة من شركات الحماية وغيرها يمتلكون حرية مطلقة في تلفيق التهم وارتكاب الجرائم، بلا مساءلة او عقاب. وفي يوم 29 شباط (فبراير)، اعدمت قوات الاحتلال خمسة افراد من عائلة واحدة واعتقلت امرأة وطفلا في محافظة ديالي. ويتجاوز عدد المعتقلين من الاطفال في سجون الاحتلال 1350 طفلا. كما اعتقلت قوات الاحتلال الأمريكي يوم 24/2 رجلا وامرأتين من منزلهم الكائن في منطقة السفينة في الاعظمية، ببغداد، وبالطريقة المعهودة لهذه القوات في مداهمتها المنازل الآمنة وتحطيمها الأبواب والأثاث. وقد قامت نسوة الاعظمية بمظاهرة طالبن فيها باطلاق سراح المعتقلات وكان الشعار الرئيسي للمظاهرة (الاحتلال هو الارهاب).وكأن سياسة الاحتلال في تجزئة العراق وشعبه طائفيا وعرقيا غير كافية، تفتقت اذهان (القادة الميدانيين في مجالس الصحوة) عن حل لوضع المرأة المأساوي، حيث طالبوا، أخيرا، بضرورة (فتح المجال أمام النساء للتطوع في صفوف الشرطة واشراكهن في الخطة الامنية التي تشهدها المدينة منذ تموز (يوليو) 2007)، وهي مطالبة يمكن وصفها بان شر البلية ما يضحك. فبدلا من العمل علي توفير الامان والاستقرار واساسيات التعليم والصحة والغذاء ودفع طائلة الفقر والجوع عنها وحمايتها لانها مانحة للحياة، يفترض مستخدمو الاحتلال بان انقاذهم سيتم من خلال تعريض حياة المرأة الي القتل. وفي الوقت الذي يتحدث فيه ساسة الاحتلال عن المقابر الجماعية للنظام السابق، لم نسمع أيا منهم يتحدث ولو من باب التصريحات الهوائية التي تعودنا عليها، عن العثور علي مقبرة جماعية تضم ثماني نساء مجهولات الهوية في قرية تابعة لقضاء الخالص بمحافظة ديالي، يوم 25 شباط (فبراير) 2008، كما تم تسجيل جرائم تعذيب وتشويه وقتل 40 امرأة من مدينة البصرة في الشهر الماضي ضد مجهول. ومن غرائب الامور في (العراق الجديد) ان كل جرائم الابادة المرتكبة بحق مليون مواطن عراقي، هي جرائم مسجلة ضد مجهول! فمن هو القاتل وهل سيتمكن المحتل ومستخدموه من ابادة الشعب العراقي حقا؟ سأترك الاجابة لشاعرتنا الكبيرة الراحلة نازك الملائكة التي قرأت لها ذات مرة الحكاية التالية. تقول نازك: (اني احتفظ في ذاكرتي بحكاية قرأتها مرة عن الاسكندر الكبير الذي غزا الشرق العربي قبل الميلاد وأوغل فيه. يقال انه اخضع البلاد كلها غير العراق الذي بقي ثائرا مشاكسا وابي ان يستكين فكان يقلق راحة هذا الفاتح بلا انقطاع. وعندما تعب الاسكندر استدعي حكيما وشاوره قائلا: لقد يئست من اخضاع اهل العراق وانا افكر في ابادتهم ابادة تامة بالقتل ليتاح لي ان انتهي منهم دفعة واحدة فماذا تري؟ وقد فكر الحكيم قليلا ثم رد عليه: لا تفعل. فلا فائدة لك في ابادتهم. ذلك ان الجو العراقي والتربة العراقية سرعان ما سيخلقان قوما عراقيين علي غرار الذين أبدتهم تماما).لا اعرف مدي صحة هذه الحكاية تاريخيا الا انني افهم تماما ما الذي تعنيه نازك الملائكة، وأعرف، ايضا، بأن اليوم علي سواده، لن يقتل روح المرأة، ولانها مادامت حية ستخلق، كما في الماضي، وعبر نضالاتها ومقاومتها، شعبا لن يحني رأسه للظلم والقهر ذلا.