Saturday 21 April 2007

خمسمائة دولار هو ثمن حياة المواطن في العراق المحتل

2007/04/16
في يوم الثالث من شهر حزيران (يونيو) من العام الماضي قتل جنود الاحتلال الامريكي شقيقة ردام نصيف جاسم الاسودي من اهالي سامراء وهي في طريقها الي مستشفي الولادة. حدثت الجريمة عند نقطة تفتيش امريكية وكان زوج السيدة مرتبكا وهو ينصت لانين زوجته فلم يضع يديه بشكل واضح علي مقود السيارة حسب ارشادات جيش الاحتلال فاطلق الجنود النار علي من في السيارة ليقتلوا الزوجة وشقيقتها.بعد انتهاء مراسم العزاء رفع الاخ دعوي ضد الجيش الامريكي بتهمة قتل شقيقتيه، طالبا احالتهم للقضاء. وبتاريخ 22 تموز (يوليو) قتل جنود الاحتلال ستة اشخاص بينهم طفلة وامرأتان وجرح حوالي عشرين شخصا اخرين اثناء مداهمته مجمعا سكنيا، في شمال بعقوبة، بحثا حسب ادعائه عن (عناصر من تنظيم القاعدة). وقد أدي الهجوم ايضا الي تضرر ثلاثة منازل. وبتاريخ 4 تشرين الاول (اكتوبر) لقيت امرأة مصرعها واصيب مدني بجروح عندما قامت القوات الامريكية بفتح النار عشوائيا علي المواطنين وسط مدينة الفلوجة. وافاد مصدر امني: (أن دورية الامريكية فتحت النار بشكل عشوائي علي المواطنين بالقرب من جامع الحضرة المحمدية وسط الفلوجة لافساح الطريق امامها، وان القوات الامريكية غالبا ماتقوم باطلاق النار بشكل عشوائي عندما تريد افساح الطريق امام دورياتها). هذه الجرائم الثلاثة هي مجرد غيض من فيض اخترته للاشارة الي موضوعات مهمة جدا تتعلق بحياة المواطن العراقي وما يذوقه من مصائب واهانات علي ايدي قوات الاحتلال بينما يقف العملاء المحلين متفرجين من فوق الاسوار المحيطة بالمنطقة الخضراء. سأشير الي موضوع رفع الدعوي علي قوات الاحتلال كما قال شقيق المرأة الحامل والتعويضات المادية كما في حالتي مداهمة المنازل وفتح النار بشكل عشوائي علي المدنيين في الفلوجة. من ناحية رفع الدعوي القضائية لايحق لشقيق الشهيدة ان يرفع الدعوي ضد قوات جيش الاحتلال امام القضاء العراقي او غيره لانهم يتمتعون بالحصانة والحماية والجهة الوحيدة التي يحق لها محاسبتهم هي الادارة العسكرية الامريكية مهما كانت جسامة جرائمهم ومهما كانت الدلائل واضحة وثابتة ضدهم كما هو الحال في مجازر حديثة واغتصاب الفتاة عبير قاسم الجنابي وقتل افراد عائلتها ومذبحة الاسحاقي وغيرها. اما بالنسبة للتعويضات المادية فهذا طريق شائك ومحفوف بالمصاعب اذا ما رضي اهل القتلي او البيوت المهدمة والسيارات المحروقة بالتقدم بالطلب تعويضا عما اصابهم. وهم غالبا لا يفعلون اما ايمانا منهم بان خسارتهم باحبائهم لاتعوض بالمال مهما بلغت قيمته او لانهم يعرفون مسبقا صعوبة المهمة ومتطلباتها واحساسهم بالاحباط حتي قبل الشروع بها. وقد توصل اتحاد الحريات المدنية الامريكي (أي سي أي يو) أخيرا الي الحصول علي حق الاطلاع علي بعض قضايا التعويض المرفوعة ضد جيش الاحتلال، حيث اطلع علي 500 قضية تعويض مسجلة في العراق وافغانستان معا. وكان الجيش الامريكي قد اصر سابقا علي عدم نشر معلومات كهذه باعتبارها خاصة بالجيش ليتعامل معها وفق ضوابطه. ويتبين من الوثائق المكشوفة وهي متوفرة حاليا علي موقع الاتحاد وقام عدد من الصحف الامريكية بنشر بعضها بان الجيش الامريكي قد دفع حتي الان مبلغ 32 مليون دولار كتعويضات لذوي المدنيين العراقيين والافغان المقتولين من قبل القوات الامريكية والمتضررين جسديا او لحق الخراب بممتلكاتهم وبيوتهم وتحت تصنيف يطلق عليه مصطلح القتل والاضرار غير ذي الصلة بالمواجهة العسكرية. وهو مصطلح فضفاض تستخدمه قوات الاحتلال لحماية نفسها وتبرئتها من اي مسؤولية قانونية. كما ان هناك نوعا اخر من التعويضات وهو الاعم ويصرف لذوي الشهداء كفعل احسان وتبرع حسب رغبة القائد العسكري الامريكي ودرجة كرمه اكثر منه اقرار بارتكاب جريمة تودي بحياة الابرياء وتحطم حياة عوائلهم. ففي عام 2005 قتل جندي امريكي صبيا كان يحمل حقيبة مدرسية مبررا جريمته الشنعاء بانه اشتبه بان الصبي كان يحمل حقيبة متفجرات، فامر قائد الفرقة بدفع مبلغ 500 دولار لعائلة الفتي ثمنا لحياته. ومن يتمكن من مراجعة قواعد المحتل او يملأ استمارة طلب التعويض من خلال منظمات اخري ويصبر علي التسويف المتعمد بحجة التحقيق قد يحصل في النهاية علي مبلغ 2500 دولار امريكي لكل فقيد عزيز وهو معدل السعر الذي وضعته قوات الاحتلال ثمنا لحياة المواطن العراقي. وحسب تصريح الناطق باسم اتحاد الحريات المدنية ليس واضحا حتي الان اذا ما تم التحقيق في طبيعة هذه (الحوادث) ولماذا لم يكن بالامكان تلافيها. ومن بين القضايا الخمسمئة التي نشرت تم رفض 204 قضية او نسبة 40 بالمئة منها لانها كانت حسب تصريح جنود الاحتلال (ذات علاقة مباشرة او غير مباشرة بالمواجهة مع العدو) وان 87 قضية صنفت تحت بند التعويضات غير ذات العلاقة بالمواجهة العسكرية و77 قضية كانت قد دفعت كنوع من الشفقة والاحسان. فلنقارن هنا بين مأساة المواطن العراقي الذي مسحت حقوقه واهينت كرامته وعزة نفسه علي ايدي وكلاء الاحتلال فبات تعويض فقيده العزيز احسانا وشفقة بالدولارات المحددة وبين حجم الاختلاسات المادية والسرقات والفرهود بين عصابات الحكومة التي يتم التنافس والاستحواذ عليها بلا تحديد. فها هو واحد من اهلها القاضي راضي حمزة الراضي، رئيس هيئة النزاهة العامة المؤسسة من قبل مجلس الحكم البائد، يصرح اخيرا بأن الهيئة تحقق في اختلاس ما مجموعه ثمانية مليارات دولار من المال العام. وان هناك 8 وزراء و40 مديرا عاما محالون إلي القضاء في قضايا الفساد الاداري، وكلهم هربوا إلي خارج العراق ومطلوبون من قبل الشرطة الدولية، وكشف مؤشر الفساد الذي نشرته منظمة الشفافية الدولية مؤخرا أن العراق يأتي كرابع أكثر دولة فسادا علي مستوي العالم. وكعادة المنغمسين من قريب او بعيد في حكومة الميليشيات ومهما كانت درجة (نزاهتهم) ، وجه القاضي راضي اللوم علي الاوضاع الامنية السيئة في العراق. بينما يشير واقع الحال العراقي، بعيدا عن التصريحات المضللة، الي العكس تماما. اذ ان سوء الوضع الامني سببه الاحتلال العسكري والاقتصادي والسياسي للبلاد الذي ينمو ويترعرع علي الاختلاس والسرقات والعقود الوهمية والفساد. والا كيف نبرر عدم القيام بتنفيذ اي من المشاريع الاقتصادية بعيدة المدي وتحسين الحياة المعيشية وتوفير الاساسيات لسكان المدن الكردية المتمتعة بالاستقرار النسبي وبنسبة عالية من الميزانية العامة وواردات النفط ومليارات الدولارات التي سلمها بول بريمر ومن جاء بعده عدا ونقدا الي رئيسي الحزبين القوميين الكرديين؟ وبينما يفتقد المواطن العراقي حق حماية حياته وعائلته واحترام حقوقه وتوفير السبل من اجل صيانة كرامته وعزة نفسه وتحقيق العدالة للجميع، وفي الوقت الذي يهان فيه المواطن العراقي المهجر قسرا من بيته ليلاقي شظف العيش في المعسكرات وبلدان الجوار متسولا العمل والاقامة والفيزا وحتي حق الحصول علي جواز، وفي الوقت الذي يحرم فيه اطفالنا من التعليم والصحة والحياة الطبيعية وهم ابناء البلد الغني الذي حبته الطبيعة بالموارد الوفيرة، ها هو جواد المالكي يتنقل مع شلة من حكومة الميليشيات ما بين اليابان وكوريا لينال باسم المواطن العراقي قروضا بمليارات الدولارات لتختفي في حسابات ( الديمقراطية الجديدة) الي الابد وليتحمل بعد ذلك المواطن عبء تسديدها وبالفائدة المركبة هو وابناؤه من بعده كما يفعل الان مع ديون وقروض النظام السابق. فما هو الحل؟ بالاضافة الي مقاومة الاحتلال باشكاله ، علينا ايضا الدعوة الي وضع حد لهذه القروض باسم الشعب العراقي والتي لم ير منها الشعب غير صرف سعر بخس لحياة افراده وغير اسلحة المحتل المتطورة وسجون عملائه . علينا العمل علي حث حكومات العالم علي التوقف عن منح القروض لحكومة لعل اكبر انجاز لها هو قتل مايقارب المليون مواطن وتهجير عشرة بالمئة من السكان خلال اربع سنوات فقط وكل ذلك يتم تحت شعار (بناء العراق الجديد