Saturday, 12 May 2007

ضرورة رصد جرائم الاحتلال كي لا يفلت الجناة من القضاء

12/05/2007
علينا ان نعترف بأن خطة فرض القانون بأمرة قوات الاحتلال الامريكية وتنفيذ حكومة الاحتلال المالكية الطالبانية
قد نجحت بتحقيق مهمتين: الاولي هي زيادة معدل عدد الضحايا من المدنيين والثانية هي زيادة عدد الموقوفين في المعتقلات الامريكية والعراقية وغيرها من المعسكرات والوحدات ومراكز التوقيف التابعة لكل من هب ودب في العراق المحتل اليوم، بلا مذكرات توقيف واخضاعهم للاستجواب من دون تحديد مهلة زمنية لمدة الاعتقال قبل المحاكمة.وعلي الرغم من جلب 30 ألف عسكري اضافي وما صاحبهم من ضجة اعلامية صورت حضورهم وخطتهم بانهما العلاج السحري للقتل والاعتقال العشوائي والجماعي، لاتزال حال البلاد والعباد تتدهور بشكل مس حتي المحافظات الشمالية التي لم تشهد حوادث كهذه منذ عام 2005 . ويتبين من تقرير بعثة الامم المتحدة لحقوق الانسان في العراق الصادر أخيرا بان عدد الضحايا من المدنيين قد وصل رقما كبيرا جدا وان الجهات المعنية في الحكومة العراقية قد تبنت سياسة عدم الاعلان عن عدد القتلي كما انها، وعلي أساس ضربني وبكي وسبقني واشتكي، اتهمت البعثة بالمبالغة وعدم الاستناد (الي مصادر موثوقة)، وهذا هو بالضبط الاتهام الذي وجهه المتحدث باسم حكومة الاحتلال الي كتاب تقرير مجلة لانسيت البريطانية العلمية يوم نشرت، في العام الماضي، ان عدد ضحايا الغزو والاحتلال قد تجاوز النصف مليون. وبالاضافة الي نحر المدنيين وتقديمهم قربانا لتمديد بقاء قوات الاحتلال، ازداد عدد المعتقلين من جميع فئات الشعب بسرعة جعلت من عملية فرض القانون والمصالحة الوطنية نكتة تدمع أشد العيون جفافا لسماعها. وعلي سبيل المثال، وحسب تصريح رسمي يوم أمس : (تمكنت قوات الأمن العراقية من القاء القبض علي 59 ارهابيا وإعتقال 14 من المشتبه بهم في أنحاء متفرقة من بغداد في اطار خطة فرض القانون). وقد كشف رئيس الادعاء العام في مجلس القضاء العراقي الاعلي عن وجود 18 الف معتقل في بوكا قرب جنوب البصرة، لم يتم تقديم أي منهم الي القضاء بعد. ومعظمهم معتقل لفترة تزيد عن العام الواحد وبعضهم موقوف لمجرد الاشتباه به منذ مايزيد علي العامين. ومثل كل الوعود تحت حكومات الاحتلال المختلفة التي يمكن تصنيفها تحت باب السين المستقبلية، وبدلا من تقديم المجرمين الي العدالة واطلاق سراح البقية فورا قال رئيس الادعاء العام بأن هناك لجنة قضائية تحقيقية قد شكلت مؤخرا لمتابعة قضايا المعتقلين في بوكا، وانها (ستباشر عملها خلال ايام قليلة، وهي الان بصدد اعداد نموذج التعهد والكفالة للشخص المطلق سراحه). فكم سيتطلب لاعداد ورقة التعهد وكم اجتماع سيعقد لمناقشتها وكم لجنة ستشكل حسب مواصفات (الديمقراطية الجديدة)، وكم سنة سيقضي المعتقل منتظرا وفي أسوأ الظروف المهينة؟ وهل نسي ساسة حكومة الاحتلال الطائفية كم تباكوا علي حقوق الانسان المعتقل وهم يحشدون القوي الاستعمارية لغزو العراق؟ وذكر التقرير الفصلي لبعثة الامم المتحدة في بغداد وجود اكثر من 37 الفا و600 شخص في المعتقلات الامريكية والعراقية. وان أحد انجازات خطة فرض القانون الهائلة، فضلا عن بناء جدران العزل الطائفي واغلاق المستشفيات وتهجير الناس والاعدامات العامة، وحسب وزارة حقوق الانسان العراقية، هو اعتقال ثلاثة الاف من هؤلاء منذ انطلاقة الخطة (لاستعادة الامن في بغداد) في منتصف شباط/فبراير الماضي. ويختلف عدد المعتقلين، حسب جهات الاعتقال ومعتقلاتها. اذ يدل تقرير حقوق الانسان في الاشهر الثلاثة الاولي من السنة الحالية الي وجود 18 الف شخص في معتقلات الاحتلال الامريكي ووجود عشرة الاف في سجون وزارة العدل، بينما يوجد لدي وزارة الداخلية 5735 معتقلا و1525 لدي وزارة الدفاع و500 لدي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية و2200 في سجون اقليم كردستان. علينا ان نتذكر اثناء قراءة هذه التقارير بان الارقام المذكورة هي المعلنة من قبل الجهات العراقية الرسمية المعروفة بالكذب أساسا مما قد يقتضي احيانا اعتبارها نصف الارقام الحقيقية، كما ان كثرة السجون والمعتقلات وعدم السماح للمنظمات العالمية بزيارتها، ورحيل معظم منظمات حقوق الانسان العالمية عن العراق، يسهل علي حكومة الاحتلال اخفاء الحقيقة وتضليل الرأي العام العراقي والعالمي. فلا احد يعرف عدد المعتقلات والسجون ومعسكرات التعذيب بالضبط، والمعروف منها محاط بالسرية والتكتم. من بين المعتقلات المعروفة هناك معسكر بوكا القريب من ام قصر في جنوب العراق ومعتقل كروبر في بغداد الذي تم توسيعه لاستقبال المزيد من المعتقلين وبتكلفة 60 مليون دولار، ومعتقل سوسة في السليمانية، وسجن الشعيبة البريطاني قرب البصرة. كما ان هناك ستة مراكز اخري تحت سيطرة ما يسمي بالقوات متعددة الجنسية، خمسة منها يشرف عليها جنود امريكيون مثل مركز دايموندباك، بالاضافة الي مراكز الاستجواب الملحقة بالفرق الامريكية وعددها 60 موقعا. وتنافس حكومة الاحتلال سادتها في سباق المعتقلات بل وتتفوق عليها، اذ تمكنت الحكومة من تحويل كل قبو أو جناح ملحق بوزارة ما الي مركز للاعتقال والتعذيب، حتي باتت القوات الامريكية علي شراستها تعتمد اعتمادا شبه كلي علي عبيدها من العراقيين ليقوموا بالتعذيب الاولي وترويع الموقوفين قبل ان يستلمهم محققوها لتوجيه الضربة القاضية. وتوجيه الضربة القاضية في مراحل التحقيق الاخير يعني تعريض المعتقل للمزيد من التعذيب خاصة وان معظم جنود الاحتلال وحسب استطلاع وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) مستعدون لممارسة بعض أشكال التعذيب ضد العراقيين وأن 10 بالمئة منهم اعترفوا بأنهم أساءوا معاملة مدنيين عراقيين. وفي الوقت الذي وصف فيه ستيفن أر. شابيرو، مدير اتحاد المدافعين عن الحريات المدنية الأمريكي، نتائج الاستطلاع بانها (محبطة واثبتت بأن عمليات التعذيب في العراق كانت واسعة الانتشار، ولم تقتصر علي سجن أبو غريب أو بعض المعتقلات القليلة الأخري) لم ينطق مخلوق واحد من مخلوقات حكومة الاحتلال او برلمانها (المنتخب) بكلمة واحدة تعبيرا عن الادانة او الاستنكار. واذا ما سبب التعذيب وفاة المعتقل يقوم جيش الاحتلال بالاعلان عن وفاته علي يد أحد المعتقلين كما حدث عندما صرح مصدر امريكي في معتقل بوكا عن (وفاة معتقل في 26 أبريل/ نيسان الحالي بعد إصابته بجراح جراء شجار مع زملائه). وقد أعلن خلال العام الماضي عن وفاة ستة منهم. وبعيدا عن تصريحات الاحتلال الرسمية يعتقد المواطنون بأن الجثث المجهولة المتناثرة في شوارع المدن وانهارها انما تعود لمغدورين قتلوا اثناء التعذيب داخل سجون الاحتلال العديدة واقبيتها السرية. كما يتم رمي من يموت جراء التعذيب في الطرقات أو في أحد المستشفيات، وتقيّد الجريمة ضد مجهول. ويعتقد الكثيرون بان اعداد المعتقلين المعلنة لا تتطابق مع تصريحات الجهة المختلفة وهي تدل علي ان هناك مايقارب التسعة الاف معتقل ممن لايعرف مصيرهم وهم في عداد المفقودين. وقد ذكر ناطق باسم المفوضية العليا لحقوق الانسان ان لدي القوات الامريكية 300 معتقل من الاحداث ويتعذر علينا الوصول الي المعتقلات العراقية بسبب التحفظات الامنية المشددة عليها، كما انه ليست هناك احصاءات دقيقة بعدد المعتقلين في سجون وزارات الدفاع والداخلية والعدل وان التسريبات عن احوال السجون العراقية تفيد بأن الاوضاع مأساوية وفي حال يرثي لها الي جانب تعرض المعتقلين لشتي انواع التعذيب. وتعتبر الاعتقالات فضلا عن ترويع الناس وتسليط فرقة ضد اخري واثارة الفتن والاحتراب، مصدر ربح مادي كبير لمسؤولي حكومة الاحتلال لانها تجني الاموال عن طريق ابتزاز ذوي المعتقلين فيضطر البعض الي بيع كل غال لديهم من اجل دفع الرشوة لاطلاق سراح المعتقل أو زيارته او حتي معرفة اخباره عن بعد. ان رصد وتوثيق جرائم وانتهاكات حكومة الاحتلال لحقوق الانسان ضرورية جدا لئلا يفلت الجناة من القضاء العادل ولئلا يتعرض شعبنا الي تكرار التجربة الدامية مستقبلا خاصة وان التضليل الاعلامي عمل يتقنه اولئك الذين ربطوا مصيرهم بعجلة الاحتلال وصفقاته ومشروعه الامبريالي، وهو مشروع مبني علي الكذب المستمر ولعل اعادة قراءة تصريح أدلي به برهم صالح، نائب المالكي، لصحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 20 حزيران (يونيو) 2006 يثبت بأن حالة الكذب مزمنة لدي ساسة الاحتلال وان وعودهم تتكرر اما لان الكاذب غالبا ماينسي كذبته أو لانه يصدقها، اذ قال صالح: بعد الاطلاع بجدية علي ملف المعتقلين لدي القوات المتحالفة وفي المعتقلات العراقية وما يتوارد الينا من أخبار وتقارير عن انتهاكات في السجون العراقية بحق العراقيين، يدفعنا نحن كحكومة لأن نكون ملتزمين بالدستور وبالحفاظ علي حقوق الافراد الواردة بالدستور، نحن أتينا الي السلطة بعد سنوات وسنوات من النضال ضد الاستبداد والانتهاكات التي لحقت بالإنسان العراقي