Sunday, 27 May 2007

اعتراضات الشيخ الهايس علي أساليب المحتل

2007/05/27
لهايس المشار اليه في العنوان هو الشيخ حميد الهايس رئيس مجلس إنقاذ الأنبار، غرب العراق، الذي تم تأسيسه
عندما انتقلت السياسة الامريكية، في حملتها الاعلامية المضللة عمن يقاومها في العراق، من السنة الصداميين ومقرهم المثلث السني وأهم أضلاع المثلث حسب مفهومهم هو الانبار، الي السنة التكفيريين أي القاعدة ومقرهم العراق وان كان خطرهم (الارهابي) يهدد العالم كله. كما أضيف اليهم أخيرا وحسب تصريحات بوش ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير ضلع آخر وهو ضلع (الارهاب المدعوم من قبل ايران). ويشبه الانتقال حاليا من تهمة صداميي المثلث السني الي مربع القاعدة والارهاب الايراني في تذبذبه حركة رقاص الساعة علي ايقاع موسيقي واشنطن ولندن وتل أبيب، وهي موسيقي تنقر علي دفوف خطاب الاحتلال المرددة انكار وجود مقاومة وطنية تزداد شعبية كل يوم وتوقع المزيد من الخسائر بمثلث العدو الانكلو امريكي الصهيوني، والطعن بمصداقية المقاومة وتشويهها بمختلف الاساليب ومنها خلط هدفها السامي الداعي الي تحرير العراق والمحافظة علي وحدته وهويته بالارهاب الذي خلقه الاحتلال وكرسته العملية السياسية الطائفية والعرقية. وعلي اساس ان كل من يقاوم الاحتلال بالسلاح او الكلمة هو ارهابي يغار غيرة شديدة من (ديمقراطية العراق الجديد) التي لامثيل لها في العالم العربي والاسلامي. ويستخدم وصف المقاومة بالارهاب وربطها باسم القاعدة كتوصيف جاهز لغرض الترويع المحلي والعالمي كأداة مماثلة تماما لما روجت له أمريكا عن الشيوعية في فترة الحرب الباردة. انه، في كل الاحوال، العدو الذي تحتاجه الامبريالية لفرض هيمنتها السياسية والعسكرية علي العالم، بصورة الوحش المرعب المخيف القادر، لولا حرص جيوش ومخابرات امريكا وعملائها، علي تخريب العالم أو ابتلاعه كلقمة سائغة. القاعدة اذن هي الاصل والبلاء في مايجري في العراق والعالم كله من شرور وآثام. اما امريكا وبريطانيا واسرائيل وهي دول تغمس القانون الدولي والانساني والاخلاقي، يوميا، بدماء الضحايا من الشعبين العراقي والفلسطيني بدون ان يرف لقادتها جفن وتستخدم القوانين حسب رغباتها ومفاهيمها الخاصة فتغزو من تشاء وتحتل ما تشاء وتختطف قياديي شعب منتخبون بارهاب لم يشهد له العالم مثيلا كما يحدث الان في فلسطين، هذه الدول بكل ما تملك من مخابرات وجيوش وتقنيات ومافيات العملاء والمرتزقة، بريئة وانها المدافعة عن نفسها والعالم. ومن منظور حكومة الاحتلال في العراق، ان القاعدة وما ادراك ما القاعدة، هي التي دفعت حكومة المصالحة الوطنية التي نجحت في تشريد مليوني عراقي من بيوتهم خارج وداخل البلاد وحولتهم الي سكنة مخيمات وطالبي لجوء، الي دعوة الهايس وغيره الي محاربة القاعدة لفرض القانون، وهذه مبادرة جديدة وطليعية تماما في مجال العمل الديمقراطي ويجب ان تسجل براءة اختراعها اما باسم المالكي أو حزبه الدعوة الاسلامي أو، لكي لا نغضب الحكيم المقيم حاليا في ايران، باسم الائتلاف. فما الذي فعله الهايس لاستتباب الامن واعادة الاستقرار الي البلاد وترسيخ المصالحة الوطنية ولن ابالغ فاطالبه بتحسين الخدمات اذ لا بد وان حكومة المصالحة قد وجهت الدعوة الي احدي منظمات المجتمع المدني للقيام بذلك، ولا نريد ان نكشف من هي المنظمة حرصا علي (الديمقراطية الوليدة) من عيون الحساد من الشعوب العربية والاسلامية التي تتطلع جميعا وبشوق الي اليوم الذي تتمتع فيه بحكومة مثل حكومة المالكي وبرلمان فعال ومؤثر يديره المشهداني لا غير وان تعيش في بلد حر ومستقل وموحد مثل العراق؟ وكما نعلم جميعا ان الامريكيين والبريطانيين ومن عمل في ظلهم من (المترجمين) الناطقين بالعربية ومن مختلف الجنسيات لم يقصروا في سلوكهم مع المواطن العراقي منذ لحظة (تحريرهم) العراق وحتي اليوم، خصوصا اثناء مداهمة بيته واقتياده الي المعتقل واستجوابه بأحط السبل واكثرها بشاعة ووحشية، وصور ابو غريب ومعسكرات بوكا وشهادات معتقلي كروبر كلها تشهد علي ذلك، كما ان بين يدي الان كتابا ضخما مكونا من 600 صفحة تقريبا يتضمن الشهادات والتقارير الرسمية وبالتفاصيل المخيفة عن تعذيب المعتقلين في ابو غريب فقط وضمن سياسة امريكا المكرسة للحرب علي الارهاب في العراق، أي انهم يملكون القدرة والتدريب والتحلل الاخلاقي المرتبط كله بالحماية القانونية وهي حالة فريدة من نوعها تتيح للمحتل ان يفعل ما يشاء وبلا رادع قانوني. وكما نعلم جميعا ايضا ان الامريكيين والبريطانيين الجلادين هم من يقومون بتدريب قوات الامن والشرطة العراقية علي (فرض القانون) وكيفية التعامل مع المواطن العراقي واحترام (حقوق الانسان). لذلك حين قرأت منذ أيام عنوانا لخبر يقول بأن الشيخ الهايس يعترض علي معاملة القوات الامريكية لمعتقلي تنظيم القاعدة، تبادر الي ذهني فورا، كم هو رائع هذا الرجل الذي يمتلك من الشجاعة ما يدفعه الي الاعتراض علي معاملة الامريكيين للمعتقلين، واغرورقت عيناي بدموع الفرح لوجود انسان يدرك المعني العميق لحقوق الانسان الداعية الي معاملة جميع من المعتقلين أيا كانت انتماءاتهم كأبرياء حتي تثبت ادانتهم وعدم تعريضهم للعذاب الجسدي او النفسي، وقلت لنفسي ان الشيخ الهايس رجل شهم وحكيم تعلم من خبرته كرجل عشيرة متمرس في حماية افراد عشيرته من الرجال والنساء بان توفير الحماية القانونية للجميع والتصرف وفق القوانين هما الطريقة المثلي للتخلص من العنف والارهاب ايا كان مصدره او شكله وان التخلص من دائرة العنف لن يتم ما لم نختر الوقوف خارجها اولا والا بقينا سجناء للدائرة وما تجلبه من خراب مكررين كل ما حدث من قبلنا ومن قبل الاخرين. وتملكتني مشاعر الخجل والندم ايضا من موقفي ضد حكومة المصالحة الوطنية وهي الحكومة التي وفرت الفرصة لرجل مثل الشيخ هايس المتمتع بعطف وانسانية الصالحين بأن يخرج من محيط عشيرته الضيق ليعم خيره علي الشعب كله. وكنت علي وشك الشروع بالبحث عن طريقة للاتصال بالشيخ لأحييه واسانده في مسعاه الي ان اكملت قراءة الخبر فتبين لي بان الشيخ الانساني حميد الهايس الناشط مع حكومة المصالحة الوطنية لبناء العراق الديمقراطي السعيد ورئيس مجلس إنقاذ الأنبار كان قد اعترض علي طريقة تعامل القوات الامريكية مع اسري تنظيم القاعدة بعد إلقاء القبض عليهم لا لقسوتها وامتهانها حقوق الانسان وكرامته بل لانها (تتعامل مع هؤلاء الاسري بلطف) مما يشجع علي انتشار عمل الارهاب علي حد تعبيره. وطالب الهايس (القوات الامريكية ترك الامرللتعامل مع هؤلاء المقاتليين الي العشائرالتي تمتلك قانونها الخاص في التعامل مع مثل هذه الحالات) وحث القوات علي استخدام القوة كما يفعل مجلس انقاذ الانبار موضحا بان (في معتقلات المجلس التي تشرف عليها شرطة الانبار من أبناء العشائراكثرمن 500 سجين بينهم مصريون وليبيون وسوريون ولأن معظم المقاتلين العرب يُقتلون في المواجهات مع مقاتلي صحوة الانبار لذا فان معظم السجناء هم عراقيون.وان التحقيق مع هؤلاء سريع جدا لأننا نملك المعلومات الكاملة عن كل معتقل قبل القبض عليه ولا نحتاج إلي تحقيقات مطولة مؤكدا وجود كادر امني منظم بصورة كبيرة خاص بالتحقيق). وكانت حكومة المالكي، التي لديها وزيرة لحقوق الانسان، قد وفرت لمحققي قوات الاحتلال جلادين محليين من الدرجة الاولي يقومون باستخلاص الاعترافات من المعتقلين العراقيين قبل تسليمهم الي المحقق الامريكي او البريطاني ليوجه اليهم الضربة القاضية ويأتي تصريح الشيخ الهايس عن المعتقلات الخاصة التابعة لمجلس صحوة الانبار تأكيدا لوجود انواع المعتقلات السرية والعلنية وهو تأكيد أيضا بان الجثث المشوهة جراء التعذيب المرمية في طول البلاد وعرضها، التي يزيد عددها علي المئة يوميا، ما هي علي الاغلب غير جثث الموقوفين غير المسجلين رسميا وغير المعلن عن اعتقالهم لدي منظمة الهلال الاحمر العراقي والصليب الاحمر الدولي والذين قتلوا اثناء التعذيب او رميا بالرصاص. من هنا يتبين بان واحدا من انجازات حكومة الامين العام لحزب الدعوة الاسلامي هو اعطاء الصلاحية لرؤساء العشائر وايضا ما يسمي بمجالس العشائر، وما أكثرها في ظل الازدهار الديمقراطي، فضلا عن الميليشيات وفرق الموت والمرتزقة والمتعاقدين وقوات الاحتلال متعددة الجنسيات والوزارات والاحزاب، بأن يكون لكل واحد منها معتقله الخاص لكي يمارس فيه مفهومه عن كيفية محاربة الارهاب وعدم التسامح مع المعتقلين دفاعا عن أمن امريكا وبريطانيا واسرائيل. ولعل تصريح هوشيار زيباري، وزير خارجية الاحتلال، اثناء زيارته لاستراليا أفضل تحية لكل جلادي المعتقلات حين وجه النداء من جديد لتمديد قوات الاحتلال علي الرغم من ادعائه بنجاح خطة فرض القانون مبررا طلب التمديد لان (هذا وقت الوقوف مع الشعب الذي ساعدتموه علي التحرر ومعاونته)، ولم يقل بانه وقت الوقوف مع ساسة الاحتلال الخائفين علي مصالحهم.