Thursday 12 July 2007

معارضة قانون النفط الجديد توحد الشعب العراقي

حكومة الاحتلال علي استعجال لاقرار قانون النفط الذي ترغب بتشريعه اليوم قبل الغد لانها تعلم جيدا بان من يحكم
العراق هم الامريكان وان الاوامر الصادرة من امريكا، بشأن تشريع قانون النفط، مقدسة وصريحة ولاتحتمل التأخير.فالرئيس بوش بحاجة ماسة الي تقديم صورة ايجابية عن احتلال حكومته للعراق ليبرر المصاريف الكبيرة وقتل الجنود الذين باتت اصوات ذويهم عالية تخدش مسامع اعضاء الكونغرس. لذلك كان من الطبيعي ان يقف المالكي، خادم بوش المطيع، منذ ايام معلنا بان وجود او عدم وجود الجبهات الاخري في الحكومة والبرلمان مسألة لا تعني الكثير لانها كانت قد حضرت سابقا مناقشة قانون النفط وأطلعت عليه مما يعني بالنتيجة انها قد وافقت عليه. وقد يبدو هذا المنطق غريبا حتي لاكثر الناس سذاجة الا اننا ندرك بان الموشك علي الاختناق لن يتمكن من اطلاق صرخة النجدة بلغة مفهومة، والمالكي لايعنيه امر الان غير انقاذ جلده ومنصبه ورئاسة حزبه. وكما يبدو من كل الاحتجاجات والاعتراضات علي قانون النفط فان حكومة الاحتلال هي الوحيدة التي تراه نافعا للشعب العراقي وصالحا قانونيا واقتصاديا. ويدل ما اثارته موافقة حكومة الاحتلال علي قانون النفط من غضب واحتجاج في اوساط العلماء والاكاديميين ومهندسي النفط ووزراء نفط العهود السابقة والاوساط الشعبية والنقابات والهيئات الدينية وتخوف الجميع من ضغط ادارة الاحتلال علي عملائها لتمرير القانون وباسرع وقت ممكن، علي ان معارضة تشريع القانون صار موحدا للشعب العراقي بكافة مكوناته العرقية والقومية والدينية بينما ترمز الموافقة علي تشريعه علي الرغبة الاكيدة بتجزئة العراق وتفتيت تكوينه التاريخي. ففي حلبة الصراع المرير علي تشريع القانون هناك طرفان لا غير. الطرف الاول وهو المستفيد أي امريكا وكل الدول التي تدعمها عسكريا ومستخدميها المحليين الذين يوفرون لها ديمومة الاحتلال. والطرف الثاني هو الشعب العراقي المهدد بخسارة ثروته واقتصاده ووحدته الوطنية علي مدي اجيال مقبلة. ولسنا بحاجة هنا الي مراجعة مواقف امريكا وبريطانيا الرسمية الواضحة بشأن قانون النفط وهو القانون الذي ساهم ممثلون من البلدين في الاطلاع عليه قبل ان يعرف العراقيون بوجوده . لكنني ساشير الي تصرح وزير الدفاع الاسترالي، منذ يومين، بان النفط هو السبب الرئيسي في بقاء القوات الاسترالية في العراق، وان تأمين الموارد الاولية من الشرق الاوسط لها الاولوية. واكد رئيس الوزراء الاسترالي بان استراليا لها مصلحة في توقيع قانون النفط والغازالعراقي، وان استدرك متذكرا أكاذيبه السابقة ليقول : كما نريد ان نعطي الشعب العراقي فرصة احتضان الديمقراطية، مؤكدا بان استراليا لن تنسحب قبل الاوان من العراق. وما يعنيه بقبل الاوان، كما يعرف الجميع والمواطن العراقي قبل غيره، هو ما لم تؤمن استراليا حصتها من الغنيمة وبشكل قانوني وعلي مدي ثلاثين عاما المقبلة كمكافأة علي خدماتها لامريكا. وكان مجلس وزراء حكومة الاحتلال قد اقر الموافقة علي القانون وقدمه الي البرلمان لتقديم تمثيلية المصادقة عليه. واقول تمثيلية لان القاء نظرة واحدة علي جواب مهدي الحافظ النائب والوزير السابق علي اسئلة عدد من مستمعي اذاعة البي بي سي حول اسباب اصدار قانون النفط والغاز وهل سيمنح الشركات الغربية عقود مشركة الانتاج وهل سيتحمل العراق خسائر كبيرة نتيجة ذلك. وهل يرهن القانون الثروة النفطية للإحتكارات العالمية والشركات المتعددة الجنسية؟ فكان جوابه وبالنص: (القانون ضروري جدا لتطوير القطاع الهيدروكاربوني في العراق اعني النفط والغاز، لان البلد بحاجة الي اعادة تنظيم هذا القطاع ... هذا القانون سيتيح اولا تأسيس شركة نفط وطنية عراقية وثانيا اعادة تنظيم وزارة النفط ثالثا إصدار قانون جديد لتنظيم الموارد المالية، وهذه الأمور توفر اساس للثقة بين الاقتصاد العراقي والمستثمر الأجنبي اما موضوع المشاركة في الإنتاج فهذا أمر خاضع لتقدير حاجات العراق وبالتالي فهو مرهون بقرار الحكومة العراقية ومراقبة البرلمان). واذا ماتركنا جانبا اكذوبة (قرار الحكومة العراقية ومراقبة البرلمان) التي لاتستحق الجواب، ساترك لاثنين من الاقتصاديين الوطنيين محاججته. يقول د. كامل مهدي، استاذ الاقتصاد في جامعة أكستر البريطانية، في مقالة نشرت في بداية العام ان القانون الجديد يتنافي مع ثوابت السياسة النفطية الوطنية القائمة منذ نصف قرن. وان عقود الاستكشاف والمشاركة في الإنتاج التي يتبناها ستمنح الشركات حصانة ضد القوانين الوطنية الأخري. محذرا من ان القانون سيؤدي الي تعطيل مفعول القانون الرقم 80 لسنة 1961 وإلغاؤه، وذلك عبر تسليم الحقول والمناطق غير المستغلة تباعاً إلي الشركات الأجنبية من طريق عقود المشاركة في الإنتاج ذات الأجل الطويل، بدل تطويرها وطنياً من خلال دعم المؤسسات النفطية الوطنية كما سيضعف القدرة التفاوضية العراقية من طريق إضعاف مركزية التعاقد علي الثروة الوطنية مع الشركات الأجنبية وآليات هذا التعاقد. منبها بان قطاع إنتاج النفط الخام ليس قطاع حقول إنتاجية فحسب، بل هو قطاع مرافق وخدمات إنتاجية معقدة وخدمات نقل وتحميل، تحتاج إلي شبكة واسعة تتجاوز حدود المحافظات وتشترك فيها مختلف الوحدات الإنتاجية في البلاد، ما يتطلب سياسة نفطية وطنية. وقد اختتم مقاله بالقول ان السياسة الوطنية الموحدة ضرورة لا بد منها وفي التراجع عنها تنازل عن المصلحة الوطنية. وكتب الاقتصادي فؤاد قاسم الامير دراسة من ثلاثة اجزاء لمناقشة القانون الذي وُضع بضغط من المحتل في ظرف سيئ لاستغلال الثروة النفطية لصالحه، وتحقيق نصر سياسي بعد ان فشل (الحل العسكري في احتلال العراق. وقد يؤدي اصداره الي الاسراع في تفتيت العراق بخلق فيدرالية الجنوب). كما كتب د. وليد خدوري الاقتصادي ورئيس تحرير نشرة الشرق الاوسط النفطية واصفا قانون النفط بانه سيقلص بشكل كبير صلاحية وزارة النفط في بغداد ومسؤوليتها واشرافها علي مجمل العمليات النفطية في البلاد ويحولها بدلاً عن ذلك الي الاقاليم والمحافظات والمسؤولين المحليين. ويأتي توقيع حكومة الاحتلال علي القانون في وقت، وصفه خدوري في مقال اخر، يتميز بـ(أن عدداً متزايداً من الدول المنتجة أمسك زمام الأمور بيده واخذ يفرض رأيه ومصلحته السياسية والمادية علي الشركات الأجنبية والدول الكبري والأقليمية المساندة لها. وهذه (القومية الجديدة)، كما اتفق علي تسميتها، تساعد في زيادة الأسعار لأنها تمنع الشركات الدولية من وضع يدها علي احتياطات بترولية جديدة). كتب العشرات من الاقتصاديين والخبراء ومهندسي النفط يدفعهم حسهم الوطني الصادق والحرص علي مصلحة الشعب محذرين من التوقيع علي القانون في ظل الاحتلال وحكومة المحاصصة والارهاب. خاصة وان سياسيي كردستان يطالبون
بنسبة 17بالمئة من عائدات النفط وانهم قد وقعوا عقدا للتنقيب عن النفط مع شركة نرويجية صغيرة اثار وجودها الكثير من التساؤلات حول هوية ممتلكيها الفعليين، كما اكد رئيس وزاء الاقليم ان حكومته قامت بعرض 40 موقعا للنفط في الاقليم للاستثمارات الاجنبية وان حكومة الاقليم تستعد لاصدار قانون النفط في اقليم كردستان، حيث تم ارسال مسودة القانون الي برلمان الاقليم للمصادقة عليها، وقد تم هذا كله وشرعنة النهب بقانون النفط لم تتم بعد، فكيف سيكون الحال بعد توقيع قانون النهب وتشريعه لجذب الشركات العالمية الواقفة علي خط الانطلاق لاقتطاع اوصال العراق؟ وانضمت هيئة علماء المسلمين، الرافضة لعملية الاحتلال السياسية، الي صف المعارضين لاصدار القانون حيث أصدرت الهيئة قبل أيام، فتوي شرعية اعتبرت موافقة مجلس الوزراء علي هذا القانون إجراء محرم شرعا وباطل عقدا ويستوجب فعله الخضوع للمساءلة والمحاسبة. كما حرمت الفتوي قيام أعضاء البرلمان الحالي التصويت أصلا علي هذا القانون تحت أي ذريعة، فضلا عن إقراره. وأكدت الهيئة أن هذا القانون يأتي في سياق صفقات مع المحتل ـ يبرمها الساسة الذين جاءوا معه ـ من شأنها هدر أكبر ثروة وطنية يملكها أبناء البلد، بشهادة خبراء نفط عراقيين اكدوا ان القانون الحالي فيه هدر وتمكين لشركات الدول المحتلة من الهيمنة علي الثروة، ومن شأنه إضعاف البلاد وزعزعة الامن فيها. وتعالت الاصوات المحتجة لتشمل بعض المشاركين في (العملية السياسية) فاعلن أحد الناطقين بإسم التيار الصدري عدم موافقته علي القانون وصدرت إشارات التذمر من آخرين، وهذه مسألة ايجابية قد تدفع الآخرين ممن آثروا الصمت او المراوغة علي التخلي عن صمتهم ومراوغتهم واختيار الوقوف في الصف الوطني خاصة وان مرور اربع سنوات ونيف علي الاحتلال قد اسقط كل حجج وذرائع مؤيديه من السذج الذين عللوا النفس بالصبر فترة ستة اشهر فقط ليبدأوا بعدها مطالبة الاحتلال بالرحيل، وها هم علي وشك تشريع قوانين لن تربطهم بعبودية المستعمر علي مدي السنوات المقبلة فحسب ولكنهم سيتحملون ايضا مسؤولية ربط الاجيال المقبلة من الشعب العراقي بنير العبودية التي ارتضوها لانفسهم.