Saturday 14 July 2007

هل بامكان الجامعة العربية مساعدة العراقيين المهجرين قسريا؟

14/07/2007
يحاول العراقيون المستقلون، واؤكد المستقلون سياسيا واقتصاديا، المقيمون في المنفي، ان يجدوا ويشجعوا أية بادرة امل تنبثق لمساندة الاهل في العراق وللتواصل ودعم المهجرين قسرا تحت رعاية الاحتلال وحكومته، خصوصا وقد ازدادت اعدادهم لتتجاوز، خلال فترة زمنية قياسية، مجموع عدد المهجرين والمنفيين في تاريخ العراق المعاصر علي اختلاف حكوماته وحكامه. للكتابة عن بعض اوجه مساندة المستقلين الناشطين للاهل علينا ان نقر اولا بان عدد المستقلين سياسيا قليل والمستقلين اقتصاديا أقل، اما اذا تحدثنا عن النساء الناشطات المستقلات من بين مجموع العراقيين فسنجد انفسنا نتحدث عن القليل جدا، واسباب ذلك كثيرة قد اتعرض اليها مستقبلا. وقد بادرت مجموعة من العراقيات الناشطات، منذ عام تقريبا، بتشكيل تجمع أطلقن عليه اسم ( تضامن: من اجل عراق مستقل موحد)، يواصلن من خلاله عملهن مع المنظمات البريطانية المناهضة للحرب والاحتلال والداعية الي تحرير العراق وصيانة وحدته الوطنية. ويتميز تجمع (تضامن) عن باقي المنظمات النسوية العاملة في داخل وخارج العراق بانه أولا: ليس مجسا من مجسات الاحزاب السياسية كما هو حال منظمة رابطة المرأة العراقية، مثلا، التي لم تستطع علي الرغم من تاريخها الطويل وادعائها، أخيرا، بانها منظمة مجتمع مدني مستقلة، ان تقطع حبل السرة مع الحزب الشيوعي الملتحف بحكومة الاحتلال، فبقيت أسيرة (التقية الليبرالية الجديدة)، كحال كل الجهات المرتبطة بالأحزاب الطائفية والعرقية التي تشارك في العملية السياسية تحت الأحتلال. ثانيا : انه تجمع يدعم حق الشعب العراقي في المقاومة باشكالها وبضمنها المقاومة المسلحة التي تكفلها القوانين الدولية والقيم الاخلاقية. ثالثا: يركز التجمع علي فضح التضليل الاعلامي المصاحب لكل ما يحدث في العراق وخاصة التضليل الانثوي الناعم لمنظمات المجتمع المدني التي تتعامي عن ذكر الاحتلال كسبب أساسي في مأساة الشعب العراقي وبضمنه المرأة التي فقدت الغالي والثمين، وتكتفي المنظمات النسوية المذكورة بارسال رسائل النجدة الي الادارة الامريكية متوسلة تخليصها من ( العنف الذكوري وثقافة العنف في العراق). رابعا: يهتم التجمع بقضايا المرأة باعتبارها جزءا لايتجزأ من قضية الشعب العراقي ككل واحترام حقوقها وكرامتها كمواطنة خلافا لمعظم منظمات الاحتلال النسوية الممولة بسخاء من قبل الادارة الامريكية ووزارة الخارجية البريطانية التي باتت برامجها واهدافها محصورة ومقتصرة علي تعديل المادة الفلانية الخاصة بالمرأة من دستور الاحتلال او زيادة حصة النساء في البرلمان التهريجي أو (تأنيث لغة ديباجة الدستور الذكورية)، في الوقت الذي سبب فيه الاحتلال قتل ما يقارب المليون مواطن، وتم فيه تهجير وترحيل اربعة ملايين عراقي من بيوتهم وبات طموح المرأة العراقية الأول، وحسب تصريح نشر في تقرير منظمة الصليب الاحمر الدولي أخيرا، علي مساعدتها في رفع جثث القتلي من الشوارع ودفنها. من بين نشاطات تجمع (تضامن) التواصل مع ممثلي البلدان العربية والاسلامية فضلا عن العمل في المحيط البريطاني، وقد صب اللقاء منذ يومين، مع أمين عام الجامعة العربية عمرو موسي ضمن هذه النشاطات، وكان سبب اللقاء، بالتحديد، معاناة المهجرين قسرا المتناثرين في البلدان العربية وخاصة سورية والاردن. وقامت عضوات ( تضامن) بتسليم الامين العام مذكرة بحثية تضم جملة مقترحات عملية حول مسؤولية رعاية المهجرين العراقيين قسرا لحين عودتهم الي بيوتهم. وقد اتيحت لي فرصة الاطلاع علي المذكرة التي اعتقد بانها يمكن ان تكون برنامجا ناجحا، اذا ما نفذ، وقد تفتح طريقا جديدا وفق منظور لم يتم التطرق اليه سابقا لمأساة المهجرين والي ان يتم تحرير العراق بشكل كامل. وحرصت عضوات (تضامن) في المذكرة علي الابتعاد عن العموميات والتنظير والمغالطات المألوفة حاليا والاكثر من ذلك كله تسمية الاشياء باسمائها الحقيقية ومن منطلق مبدئي ثابت وهو ان علي حكومات الاحتلال، مهما كان لون جلدها، واجب رعاية المواطنين وان حقوق المواطنين غير قابلة للانتزاع او المقايضة، خاصة اذا كانوا ينتمون الي بلد غني بموارده وثرواته مثل العراق وقد تهالك علي نهب ثرواته وبالمليارات كل حثالات الارض.تتطرق ورقة المقترحات اولا الي المتطلبات المعيشية العاجلة استنادا الي معلومات منظمات الأمم المتحدة عن حجم كارثة المهجرين العراقيين قسريا داخل العراق وخارجه، والتدهور السريع في حياتهم بعد إستنفادهم لمدخراتهم، والمشاكل التي تعانيها الدول المضيفة. ورغم نفور المهجرين العراقيين والدول المضيفة، وأولها سورية والأردن، من إعتبارهم لاجئين، لئلا تتكرر مأساة الشعب الفلسطيني، فأن مستوجباتهم أصبحت، بمرور الزمن، لا تختلف عن اللاجئين، وهذه المستجوبات يجب أن توفر بصرف النظر عن التسميات التي تطلق عليهم، وحسب المستويات التي تستخدمها الأمم المتحدة علي الأقل. ويترجم ذلك بأستحقاقات مالية يستلم جزءا منها المهجرون أنفسهم والقسم الآخر الجهات المحلية الراعية لهم، لسداد تكاليف المدارس والمستوصفات والخدمات المعيشية الأخري. ثانيا، تشير الورقة الي مسؤولية الحكومة العراقية. حيث يقترح التجمع علي الجامعة العربية أن تتبني قرارا مبدئيا يبيّن بوضوح الوضع القانوني للعراقيين المهجرين قسرا، بأعتبارهم قبل كل شيء مواطنين عراقيين، وأن مسؤولية الحكومة العراقية تجاههم لا يمكن التخلي عنها، فحقوق المواطن واحدة وملزمة للحكومة اينما كان محل اقامة المواطن. وقد صرحت حكومة الاحتلال وناطقين بأسم برلمانها مؤخرا بمثل هذا المبدأ لكن الخطوات العملية له لم تتضح بعد. ويقترح التجمع أن تضع الجامعة العربية آلية لمتابعة الأمر تبدأ بملف بأسماء المسؤولين العراقيين والمراسلات والإتفاقات معهم وسير تنفيذها. وتناول المقترح الثالث مسؤولية مجالس المحافظات العراقية حيث يتبع ذلك أيضا أن حقوق المهجرين في الرعاية الأجتماعية يجب أن تكفل من قبل المحافظات العراقية التي إضطروا الي هجرها قسريا. أي أن مسؤولية المحافظات تجاه مواطنيها لا تتوقف عند هجرتهم القسرية، مخافة أن يكون ذلك سابقة خطيرة في تواطؤ أجهزة المحافظات في التطهير الأثني والديني والطائفي. وبالتالي فأن تكاليف السكن الإضطراري والخدمات الطبية والتعليمية خارج المحافظة، سواء داخل العراق وخارجه، تقع علي ميزانية المحافظة، التي تخصص حسب نسبة السكان فيها. أن آلية متابعة مسؤلية المحافظات هذه تقع علي عاتق حكومة الاحتلال وان اقترح التجمع أن يكون ملف المسؤولين والأتفاقات المبرمة مفتوحا كي يتسني للمواطنين المطالبة بحقوقهم من موظفي المحافظات ومجالسها كي لا تضيع المسؤولية. كذلك فأن المحافظة سيكون لديها حافز الحفاظ علي مواطنيها وإستحقاقاتهم، ناهيك عن الكفاءات التي يمتلكونها والتي تفيد جميع السكان، وعن المسؤولية الأخلاقية تجاه الجيران والأقارب. رابعا، يقترح التجمع وتحت بند أطلق عليه اسم التكافل بين المحافظات العراقية أن يتم تشجيع المهجرين خارج العراق علي الإنتقال الي المحافظات الآمنة داخل العراق، في ملاجئ حضارية أو قري اغاثة مزودة بالخدمات الاساسية. وذلك بأن تقوم المحافظات الآمنة بأقتطاع التكاليف من المحافظات الأصلية لحين عودة المهجرين اليها. ومن الواضح أن تثبيت هذا المبدأ فيه فائدة كبري نظرا لأن نظام الخدمات التعليمية والصحية والأدارية واحد في العراق، ولسهولة محاولات العودة الي مناطق السكني الأصلية. علي سبيل المثال، أن يتم استيعاب أكبر نسبة ممكنة من المهجرين الموجودين الآن في سورية والأردن في محافظات اقليم كردستان الامنة وحساب تكاليف ذلك ضمن مؤسسات الحكومة المركزية مثلما سيكون الأمربطبيعة الحال لو حدث وتعرضت محافظات اقليم كردستان العراق لكوارث طبيعية أو غزو أجنبي سيجبر بعض سكانه علي الأنتقال الي بغداد وبقية المحافظات العراقية. ان ضعف استجابة المنظمات العالمية والعربية نابع من خضوع معظمها للخطاب السياسي للدول المانحة والحكومات المحلية مما يجعلها غير قادرة علي التحرك والمبادرة حتي في القضايا الأنسانية العاجلة. لذلك تتشابه أوضاع اللاجئين العراقيين مع مأساة غزة الصامدة، ومثلها تجويع السكان في المدن والمناطق العراقية المحاصرة المتعرضة لعقاب الاحتلال الجماعي كالأعظمية وسامراء والديوانية والفضل والضلوعية ومناطق في مدينة الصدر. ولعدم تمكن بعض المنظمات من التحقق من مطالب اللاجئين بشكل مباشر، أرسل وفد ( التضامن) الي الجامعة العربية بعض المطالب اليومية والملحة للاجئين العراقيين في سورية والأردن للتقليل من مشاكلهم الآنية ومنها الطلب من الحكومة السورية تمديد الاقامة للمواطن العراقي الي ستة اشهر بدلا من الثلاثة. والطلب من الحكومة الأردنية تخفيض الغرامة التي يدفعها المواطن العراقي المقيم بشكل غير رسمي في الأردن من دينار اردني عن كل يوم الي نصف دينار، وايجاد حل فوري لقضية الجوازات واصداراتها المحدودة.ان معاناة المهجرين جزء من مأساة شعبنا كله، والثمن الذي يدفعه في طريق التحرير. ولعل ما يميز هذا الوضع هو بروز المبادرات التي تحاول تخفيف المعاناة وتنظيم الذات بالتعاون مع الدول المضيفة، والتحسب لما قد يأتي. وهذه المبادرات علي جميع المستويات الشعبية هي خط الدفاع الأخير للمجتمع العراقي، كما هو حال أهلنا في المدن العراقية المحاصرة