30/07/2007
بعض مستخدمي الاحتلال حزموا حقائبهم متأهبين للرحيل بعيدا عن البلد الذي هدموه بينما يحاول البعض الاخر من حكومة الحواسم (المصطلح الشعبي للنهابين) وبرلمانها البقاء اطول فترة ممكنة لاستخلاص كل ما يستطيع استخلاصه من غنائم ومكاسب وتشريعات وامتيازات من تقاعد وقطع اراض وبيوت.لهم ولاتباعهم قبل ان يلحقوا بركب الهاربين، بعد ان باتت عجلة الاحداث الفاضحة لعريهم، وبضمنها تصريحات سادتهم، اسرع من ان يتمكنوا من ستر انفسهم بأثواب الكذب والتضليل.فها هو جورج بوش، سيد مستخدمي الاحتلال جميعا علي اختلاف طوائفهم واديانهم وقومياتهم وجنسويتهم، يؤكد في كلمة القاها بقاعدة تشارلستون في ولاية نورث كارولينا يوم الثلاثاء، ان: (الولايات المتحدة ستفعل كل ما بوسعها لحماية اراضيها وهذا ما تفعله القوات الأمريكية في العراق. وان القوات الامريكية تواجه عدوا شرساً في العراق وهو تنظيم القاعدة الذي ينفذ الكثير من عمليات القتل خلال التفجيرات الارهابية التي ينفذها عناصره في العراق. وان القاعدة تريد استخدام العراق كملاذ آمن لشن هجمات ضد الولايات المتحدة. وتعهد بوش بالقضاء علي تنظيم القاعدة في العراق). وهو تصريح لا يختلف في مضمونه عن تصريحات بوش السابقة، فيما عدا إنتقال التركيز في المسميات من البعثيين ـ الصداميين، والمليشيات، وايران، الي القاعدة في بلاد الرافدين. وقد إختزلت هذه الأخيرة من كونها تحركات عقائدية تنشأ تلقائيا وبدون إرتباط مسبق، وبعقليات متفاوتة بين التكفير والارهاب والجهاد، الي كلمة القاعدة بإعتبارها البعبع الملائم إعلاميا كعدو أمريكا الرئيسي منذ هجوم أيلول (سبتمبر) 2001، وقد استخدم بوش تعبير القاعدة أكثر من عشر مرات في خطاب واحد، واستخدمها مساعدوه عشرات المرات في الاسابيع الأخيرة، كجزء من التلاعب بعقول الأمريكيين. لقد أكد بوش حرصه الشديد كرئيس امريكي علي سلامة امريكا وأمان مواطنيها كالهدف الأسمي، مما ينزع عن مستخدمي الاحتلال طبقة الرياء الاولي التي يرتدونها، فقد تخلي الرئيس الامريكي الغارق حتي اذنيه في فشل الاحتلال عن تلوينات الوعود الكاذبة بالديمقراطية وحقوق الانسان ناهيك عن التحرير التي كان يستخدمها في السنين السابقة. حيث اجبرته المقاومة العراقية الباسلة وعملياتها الموجهة ضد جيش الاحتلال ومستخدميه ومرتزقته علي التراجع عن التزويقات اللفظية التي تبناها بداية ولم يبق امامه غير مخاطبة مواطنيه باللغة التي يفهمونها. وهي لغة التخويف من العدو الخارجي ومن الارهاب الخفي المهدد لامنهم واستقرارهم كما كان يفعل من سبقه من الرؤساء الامريكيين في حقبة الحرب الباردة مع المعسكر الشيوعي، متناسيا بان العراق لم يكن يعرف الارهاب والقاعدة قبل غزو الارهاب الامريكي وحلفائه ومرتزقته. وها هو المرشح الرئاسي الأمريكي السيناتور الجمهوري جون ماكين ينزع يوم 18 من الشهر الحالي في خطابه امام تجمع (مسيحيون موحدون من اجل اسرائيل) أي التبشيرين المسيحيين المتصهينين، ورقة التوت الاخيرة ليكشف عورة الاحتلال ومستخدميه حين يصرح قائلا بان (بقاء القوات الامريكية في العراق سيوفر الامن لاسرائيل)، وهو التصريح الذي وقف له الحاضرون تصفيقا عدة مرات. وكان ماكين قد صرح في بداية شهر ايار (مايو) الماضي قائلا بأن: (بقاء قواتنا في داخل العراق أمر هام لحماية أمن أمتنا القومي). الواقع المعروف هو أن بقاء قوات الاحتلال في العراق ضروري لسببين رئيسيين وهما توفير الامن لاسرائيل وامريكا والسيطرة علي مصدر الطاقة أي النفط العراقي ومشتقاته. وهما السببان اللذان طالما اكد مناهضو الحرب والاحتلال تجذرهما في أجندة الغزو البربري لبلادنا بينما واصل عملاء الاحتلال ارتداء عمامات الديمقراطية الاسلامية الشيوعية الليبرالية ليبرروا لسادتهم جرائمهم البشعة بحق ابناء شعبنا. ان سادة الاحتلال لم يعودوا بحاجة الي اخفاء اسباب ابقاء قوات الاحتلال في العراق لخدمة المصالح الصهيونية ـ الانكلو ـ امريكية، فما الذي بقي للعملاء ليفعلوه؟ اولا: علي العملاء التوقيع علي قانون النفط الجديد ليضمنوا حصولهم علي فيزا الهرب للاقامة في بلدان اسيادهم.ثانيا: علي العملاء تجديد طلب تمديد ابقاء قوات الاحتلال كلما قاربت فترة بقائهم علي الانقضاء. وتجديد طلب ابقاء القوات لا يقتصر علي رئيس حزب دون غيره بل انه مظلة يحتمي في ظلها كل الاحزاب المشاركة في عملية الاحتلال السياسية من الحزبين القوميين الكرديين والمجلس الاسلامي والحزب الاسلامي والدعوة و الشيوعي. لانهم يعرفون جيدا بان خروج قوات الاحتلال سيقطع عنهم انبوب السائل المغذي فتجف الحياة في عروقهم. أما بقية الساسة المشاركين في العملية السياسية خجلا أو تقية، أو للكسب الحرام، و الذين يضعون رجلا هنا ورجلا هناك، فان رصيدهم لدي الشعب العراقي وقواعدهم ذاتها تقترب من النضوب، لأن مشاركتهم تسمح للأحتلال بتصويرها كتعددية وصراع ديمقراطية مما يجعلهم طابورا خامسا يستدرج الوطنيين لفخاخ الأحتلال ويوفر غطاء لجرائم فرق الموت والتهجير الطائفي عبر اصحاب السوابق والمرتزقة الذين ينخرطون في تنظيماتها كجزء من إختراقها من قبل فرق العمليات الخاصة التي تستخدمها قوات الإحتلال. وفي الوقت الذي تعلن فيه امريكا صراحة وبلا مواربة دفاعها عن امنها وأمن اسرائيل عن طريق رعاية الارهاب في العراق ما يزال عملاؤها مصرين علي الكذب والتضليل لصالحها. وآخر الخدمات التي يؤديها العملاء المحليون هي القيام بتوفير الاجواء لاجراء المباحثات بين امريكا وايران عن العراق وكأن العراق أرض خالية من السكان يتقاسمها كل من هب ودب. حيث قال المدعو هوشيار زيباري وهو ينتفخ فخرا بأن (اللجنة الأمنية التي تم الاتفاق علي تشكيلها في اللقاء الاخير بين سفيري الولايات المتحدة وايران ستكون مهمتها التعاون الأمني بين الدول الثلاث في مجال مكافحة الميليشيات المسلحة وارهاب القاعدة). والظاهر ان زيباري لم يسمع بتصريحات رئيس الوزراء البريطاني، الحليف الامين، القائلة بان (ايران تدعم القاعدة في العراق). فكيف سيقوم زيباري بمكافحة القاعدة والارهاب في العراق اذا كان سبب الارهاب ووجود القاعدة وحسب تصريح الطرفين المتنازعين اي الاحتلال وايران هما الاحتلال وايران! يقول زيباري بان (الحكومة لديها موقف صريح وواضح بشأن تطوير هذه المباحثات) مما يعيدنا الي تصريحات زيباري وامثاله من المتعاونين مع قوات الغزو بحجة تقاطع المصالح والتي ما فتأ العملاء يلوكونها صباحا ومساء كما يفعل مدمن تخزين القات، والتي لم يخجل الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية المدعو علي الدباغ من نقل خبرها الي الشعب العراقي المحتل قائلا: (إن الولايات المتحدة الأمريكية وإيران اتفقتا خلال اللقاء الذي جمع سفيريهما في بغداد، الثلاثاء، علي وقوفهما مع جهود حكومة الوحدة الوطنية في بناء عراق آمن ومستقر وحريص علي بناء علاقات مع جيرانه ودول المنطقة والمجتمع الدولي قائمة علي إحترام الشرعية الدولية وتبادل المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية). ان السياسة الأمريكية الخرقاء تعتمد علي التلاعب الأعلامي الذي يسمح بتغيير النغمة مرارا وتكرارا وبضمنها تغيير من هو العدو أو الصديق، وصرف الأنظار عن الحقائق. ومعروف أن السيطرة الاعلامية في أمريكا وبعض البلدان الغربية محكمة تماثل ما كان يتم في الأنظمة الفاشية أو الشمولية من غسل دماغ، إنما بأشكال تعددية ورقابات ذاتية وتهميش لبق للمعارضة. الا ان هذه السياسة فشلت في العراق وبقية البلدان العربية والاسلامية بالاضافة الي شعوب العالم التي خاضت تجارب نضالية ضد الأستعمار. ان الظاهرة الأساسية في العراق وما يحرك كل الوضع السياسي فيه وفي العالم بأجمعه هي ظاهرة المقاومة العراقية الباسلة وعملياتها النوعية والمحلية الإستنزافية التي وصل معدل أعدادها المعلن أمريكيا الي 177 عملية يوميا، أي أعلي من معدلات هجمات أية حرب نظامية مديدة.وهذه المقاومة ظاهرة شعبية متنامية من شمال العراق الي جنوبه لا تعترف بالمحاصصات الطائفية والعرقية المقيتة مثلما لا يعترف الشارع والمدرسة والسوق وساحات الرياضة وغرف النوم العراقية بها. هذه حقائق لن تستطيع طمسها تنظيمات القاعدة الحقيقية او المزيفة ولا المليشيات الحقيقية أو المزيفة، ولا المفاوضات حول الدور الإقليمي لإيران، ولن توقفها أعمال التهجير والقتل والفتنة الطائفية التي تحاك كل يوم وتفشل كل يوم.