Sunday 1 June 2008

الطفل العراقي يعاني من حالة الاضطراب النفسي

2008/01/06
يقولون ان بعض المنخرطين في عملية الاحتلال السياسية سذج، ونيتهم حسنة، ويودون العمل لصالح الشعب العراقي وكل مايحتاجونه منا هو ان نوضح لهم امورا قد غفلوا عنها اما لسذاجتهم او لعدم توفر المعلومات لديهم.لكل من يطرح وجهة النظر هذه، ويأمل خيرا من صحوة السذج، مبررا بانهم ما كانوا ولايزالون لايعلمون، أقول بأن المعلومات متوفرة لكل من يريد الوصول الي الحقيقة ، اما من لا يريد ان يعرف فان الاعذار كثيرة. كما اقول ان كل ما يجري في العراق من مآس وكوارث كان متوقعا وتم نشر التقارير المحذرة قبل شن الغزو بشهور الا ان عميان البصيرة رفضوا ان يروا. وسأسرد المثل التالي لكل من يقول ان هناك سذجا في الحكومة وبرلمانها وعلينا واجب التوضيح لهم. لعله العام الجديد والتوق الي ان تمنحنا الايام المقبلة القليل من الامل هو الذي جعلني اراجع اوراقي المتراكمة لاتخلص من بعضها، وأجرد البعض الآخر، بعد ان باتت تحتل حيزا كبيرا من البيت ينافس قاطنيه. اثناء اجرائي عملية الجرد عثرت علي ملف غطاه الغبار اسمه تحذيرات المنظمات العالمية . يضم الملف العديد من التقارير التي اصدرت في الفترة السابقة للغزو من قبل منظمات انسانية واكاديمية عالمية مثل اليونسيف واوكسفام ومنظمة الصليب الاحمر الدولي ومنظمة الاغاثة الدولية وتجمع علماء الآثار في بريطانيا وجمعية المؤرخين الامريكيين وتجمع العراقيين المناهضين للحرب، جميعها، كل حسب اختصاصه، يحذر من فيروس الموت الرهيب الذي ستطلقه الحرب في حال لم تصغ امريكا وبريطانيا لاصوات التحذير وقررت الاستمرار في مخططها العدواني ضد العراق.استوقفني في ملف التحذيرات تقرير لفريق دولي عن تأثير حرب جديدة علي أطفال العراق وذلك لعلاقته الوثيقة بتقارير اليونسيف المتتالية عن تدهور اوضاع الاطفال وازدياد نسبة الوفيات. واستوقفني، خاصة، لعلاقته بتقرير أصدرته هيئة النزاهة ، في العراق المحتل، منذ ايام، وأعلنت في مؤتمر صحافي عقدته بهذه المناسبة ان عدد الايتام في العراق هو 5 ملايين طفل. أي إثنين من كل خمسة اطفال عراقيين. ساقدم هنا موجزا لتقرير المنظمة العالمية ثم أستعرض نشاطات المرتبطين بعملية الاحتلال السياسية تجاه هذه النقطة وبشكل خاص نشاط لجنة المرأة والاسرة فيما يسمي بالبرلمان العراقي.صدر تقرير فريق الدراسة الدولي في كانون الثاني (يناير) عام 2003، أي قبل شن الغزو علي العراق بشهرين، عن وضع الاطفال في العراق. يحذر التقرير من ان الاطفال العراقيين، عشية شن الغزو، اكثر ضعفا مما كانوا عليه قبل حرب الخليج عام 1991، لذلك تقع علي المجتمع الدولي مسؤولية مضاعفة في رعايتهم وحمايتهم من حرب اخري. ويقدم التقرير صورة تفصيلية عما سيكون عليه وضع الاطفال وهم في حالتهم الضعيفة الراهنة عند شن الحرب. وقد اطلقت المنظمة صرخة التحذير قبل انعقاد مجلس الامن الدولي لمناقشة تقرير مفتشي الامم المتحدة حول اسلحة الدمار الشامل، التي وكما نعلم جميعا قد ثبت بطلانها. وتوخي كتاب التقرير وهم من العلماء والاطباء والباحثين المستقلين المختصين بدراسات الاطفال في مناطق الحروب ، توجيهه الي الامم المتحدة ووضع مسؤولية الاطفال نصب عيون الاعضاء في المنظمة الدولية لحثهم علي ايجاد البديل السلمي للحرب تجنبا لان يكونوا سببا في كارثة انسانية هائلة في العراق.تفحص التقرير الوضع الصحي الجسدي والعقلي والنفسي لـ12 مليون طفل عراقي استنادا الي معطيات تم تجميعها في العراق بين 20 ـ 26 كانون الثاني (يناير) 2003، وبناء علي مقابلات ومعلومات موثقة عن عينة الاطفال في بغداد والبصرة وكربلاء، بالاضافة الي دراسة وضع 100 عائلة في بيوتهم. وبين التقرير، انه وعلي الرغم من بعض التحسن النسبي في وضع الاطفال في العامين الاخيرين من الحصار الا انه لا يزال سيئا مقارنة بفترة ماقبل 1991 وان تعريض الاطفال الي حرب اخري سيؤدي الي نتائج خطيرة ومضرة علي المدي البعيد ، خاصة وان 16 مليون عراقي، نصفهم من الاطفال، يعتمدون كلية، علي الحصة التمويينة التي ستفقد في حال شن الحرب. واشار التقرير الي ان هناك نصف مليون طفل يعانون من سوء التغذية وهم بحاجة الي ايجاد العلاج السريع وليس تعريضهم لحرب مدمرة اخري.ولعل اكثر النتائج التي توصل اليها التقرير اثارة للهلع هي المستندة الي المعطيات التي تم تجميعها من قبل اثنين من اهم علماء نفس الطفل المختصين بتأثير الحرب علي نفسية الطفال في الفريق حيث وجدا بان الطفل العراقي يعاني من حالات الاضطراب النفسي ومعطوب نفسيا بسبب عيشه في مناخ حالة التهديد بالحرب المسلطة علي رأسه. ونبه التقرير الي اهمية ان ياخذ مجلس الامن حالة الطفل العراقي بنظر الاعتبار في حال مناقشة ضرورة الحرب. ونبه التقرير في خلاصته الي ان المجتمع الدولي سيكون عاجزا عن تقديم المساعدة في مرحلة ما بعد الحرب نظرا لحجم الضرر الكبير الذي سيلحق بالطفل العراقي جراء سوء الخدمات الاساية كتوفير الماء الصالح للشرب، والغذاء الكافي والخدمات الصحية. وهي مسائل تحققت تماما وكما جاء في التقرير في العراق المحتل. كما رسم التقرير في خلاصته صورة تنبئية صادقة عما يجري اليوم من تهجير قسري حيث ذكر بان شن الحرب سيؤدي الي تهجير مليون ونصف مليون عراقي خارج البلد ومليوني مهجر داخل البلد نفسه. وهي ارقام ستشمل ثلاثة ارباع مليون طفل مهجر خارج العراق ومليون طفل نازح قسريا.هذا التقرير، وهو واحد من عشرات التقاريرالتحذيرية عن كارثة الحرب، كان موجودا ومتوفرا وتم توزيعه لكل من يهتم بمتابعة الشأن العراقي والانساني، غير ان دعاة الحرب كانوا منشغلين بتصوير العراق الديمقراطي السعيد وترعوا بحياة اطفال العراق ليذبحوا قربانا لاكاذيبهم ورغباتهم الانتقامية ولعابهم السائل طمعا. وافعاما في تضليل الحقيقة تراوغ اللجان والهيئات والتصريحات في اداء لعبة النزاهة والشفافية لتكشف بين الحين والآخر عن احصائية او انتهاك معين ليقولوا لاجهزة الاعلام : انظروا . اليست هذه هي الديمقراطية! وقد جاء كشف هيئة النزاهة ، يوم 15 كانون الاول 2007، عن وجود خمسة ملايين طفل عراقي يتيم حسب الإحصائيات الحكومية ضمن هذا المسار. وهو رقم لم تكن حكومة الاحتلال بحاجة الي لجنة للكشف عنه. لان التحذيرات كانت واضحة ويوميات جرائم الاحتلال كانت تشير الي ان عدد الارامل في العراق يزيد علي المليون لفترة الاحتلال فقط ولان معدل الاطفال في العائلة هو خمسة فان النتيجة هي وجود خمسة ملايين يتيم. علي الرغم من هذا لنرصد كيف ستتعامل الحكومة السادرة في نزاعاتها وفسادها ومحاصصاتها واللهاث وراء العقود الوهمية بملايين الدولارات، مع هذه الحقيقة المرعبة؟ كالعادة، ارتدي كل من له علاقة بالموضوع رداء الديمقراطي الانساني مطالبا الحكومة غير الموجودة اساسا، بتشكيل لجنة أو هيئة ما. ولنتابعهم واحدا واحدا. حيث طالب موسي فرج، رئيس هيئة النزاهة، الحكومة تبني برنامج مؤسساتي أو تشريعي لمساعدة الطفل اليتيم العراقي، مشدداًعلي ضرورة إستحداث وزارة أو تشكيل هيئة للايتام تعني بكافة أمورهم .واقترحت لجنة المرأة والأسرة والطفولة في مجلس النواب علي البرلمان وفي فورة حماس لا مثيل لها مشاريع قوانين لإنشاء صندوق رعاية الأيتام، وقانون هيئة رعاية الطفولة ومقترح قانون حماية الطفولة ومقترح قانون منع استيراد الالعاب النارية للاطفال. ولن اتطرق الي توصيات اللجنة التسع كلها بل سأخص بالذكرالبند التاسع عن تشكيل لجان للمتابعة تضم ممثلين عن كافة المؤسسات الحكومية المعنية بالامر ومنظمات المجتمع المدني . اما وزيرة حقوق الانسان وجدان سالم ميخائيل، فقد بشرت اليتامي في ختام كلمة طويلة بأن وزارتها أعدت ورقة عمل لتشغيل الاطفال الايتام . ونبهتنا نادرة عايف حبيب، عضوة البرلمان، الي ان ملف الايتام في العراق من الملفات الحساسة الي تحتاج الي حكمة في المعالجة .فما الذي تعنيه السيدة النائبة ، عضوة لجنة المرأة والاسرة والطفل، وما الذي يعنيه اعضاء بقية اللجان التي تشكل خلال لحظات اعلامية معينة وتدفن سرا بينما يتقاضي اعضائها المخصصات الاضافية علي حساب اطفال العراق وأرامله؟ وما الذي فعلته حكومة الاحتلال لاطفالنا حتي الآن؟ لا شيء. اذ لا يزيد عدد اليتامي الذين تقوم برعايتهم علي الخمسمائة طفل فقط بينما يقوم الاقارب والعوائل والاصدقاء وافراد المجتمع الاهلي وعدد من المنظمات المحلية الخيرية والجوامع، وعلي الرغم من صعوبة الاحوال والاوضاع، بكفالة اليتامي ورعاية الضعفاء وكبار السن. ان ابناء الشعب العراقي يعلمون جيدا بان ابناء حكومة الاحتلال، عميان البصيرة، اعجز من ان يوفروا الحماية لانفسهم فكيف يوفرون الحماية للآخرين؟