Monday 2 June 2008

الامريكيون يعتبرون العراق ناكرا للجميل

2008/03/30
خمس سنوات من تخريب البلاد وتشريد الناس وتحويل الارض الي يباب. حرق الاشجار واستنشاق غبار اليورانيوم، المتطاير من الجنوب الي الشمال، العادل في نثره الموت البطيء علي الجميع، لا يفرق بين الدين والمذهب والعرق.لا يفرق بين رجل وأمراة وطفل. امراض السرطان تتكاثر وتنتشر مثل خلاياه الخبيثة، مثل الطائفية المقيتة، مثل رجال عادوا من الخارج وهم يحملون روح الانتقام من مواطنيهم ووطنهم. مثل اطفال خسروا طفولتهم فصاروا، فجأة، رجالا يحملون السلاح، مثل المرأة العراقية، بعباءتها السوداء، في حالة حداد دائم، تدور بين ثلاجات الطب العدلي والمستشفيات والمقابر، باحثة مستفسرة عمن تحبهم، بوجه لم يعد يعرف معني الفرح، وكأنه قد خلق بشفتين مزمومتين وعينين تشعان بالمرارة، وغضب دائم تحمله في داخلها اينما تمضي، تحث نفسها علي مواصلة العيش، مذكرة نفسها بان مسؤوليتها في رعاية الاهل والاطفال اكبر من ان تتخاذل وتموت.خمس سنوات علي الغزو، والبرابرة ومن فتح لهم ابواب مدننا متعاونا، يعيشون بين ظهرانينا. يبيدون ويبررون. يرمون علينا كلماتهم الناعمة المزوقة ليبعدوا عن انفسهم مسؤولية الدماء التي غسلت الارصفة والشوارع وغطت العيون فلم تعد تري غير الموت. انهم الغزاة، جميعا، من امريكيين وبريطانيين وصهاينة وعراقيين من خدم البيوت، يتوسلون بالغزاة ان يبقوا لئلا (تكون نهايتهم محتومة). خمس سنوات علي الاحتلال، فكيف رآنا جنود الاحتلال خلالها وكيف رآنا مستخدموهم؟ رأي الغزاة العراقيين، حسب مقتطفات حرفية من كتاباتهم وتصريحاتهم، انهم : ناكرو جميل لانهم لايقدرون تضحياتنا من اجلهم، تبا لهم انهم أولاد (...) لانهم لايكفون عن مهاجمتنا، انهم (حاج وحاجة) ويستحقون القتل الفوري، لنقتل الحاج والحاجة لنتمتع، لنضعهم جميعا في أبو غريب، انهم متخلفون جهلة، ان العراق لا يشبه ما ترونه في الاخبار لانه اسوأ بعشرات المرات، انه اسوأ مكان علي وجه الارض. ويقول الغازي الواقف علي مقربة من احد المواقع الأثرية في جنوب العراق، كم أكره هذه البلاد، انها صحراء خاوية، انها بلا ماكدونالد. ونقرأ تقريرا يقول فيه أحد العرفاء صارخا بالواقفين حوله من الجنود العراقيين: اشعر بالرغبة بالقتل هذا الصباح. لنذهب لاصطياد بعض الارهابيين. وتقول ليندي انجلاند، المجندة الامريكية، التي حققت للمرأة الامريكية المساواة المطلقة مع الرجل في ممارسة التعذيب في سجن ابو غريب، مبررة تكشيرتها ازاء وجوه ضحاياها وأجسادهم المعذبة العارية، بانها كانت تعاني من الضجر وان اوامر التعذيب جاءت من القيادة العسكرية العليا! أما جنود المارينز الجالسون علي مقربة من بيت الطفلة عبير قاسم حمزة الجنابي، في المحمودية، قبل ان يهاجموا بيتها ويقتلوا والديها وشقيقتها هديل ويغتصبوها جماعيا ثم يحرقوها ويصدروا بيانا باسم الناطق العسكري بان المتمردين السنة قد فعلوا ذلك، فانهم قالوا قبل ارتكاب جريمتهم المخطط لها : نريد ان نذوق طعم ممارسة الجنس مع فتاة عراقية. وقتل الابرياء من الاطفال والنساء في مجزرة حديثة والقائم والاسحاقي واستخدمت احدث الطرق للتعذيب الجسدي والنفسي، ونقل السجناء الاشباح من سجون الاحتلال في العراق الي بلدان أخري واختفوا في اماكن لم يسمع بها احد سابقا. وصارت اغنية جندي المارينز جشوا بليل بعنوان (حاجي غيرل) أو الفتاة الحاجة، وهو نعت يستخدم لوصف النساء العراقيات احتقارا، هي الشائعة بين شباب الغزاة. حيث تتحدث كلمات الاغنية عن جندي امريكي يستخدم طفلة كدرع بشري للدفاع عن نفسه، اثناء هجوم، ويختم الاغنية، قائلا: وعندما انهالت الطلقات، انبعث الدم من بين عينيها مثل الرشاش، فضحكت بجنون. ويوجه أحد ضباط المارينز نصيحته الي البقية قائلا اقتل بسرعة، من الضروري اطلاق النار فورا، ولو اصاب مدنيا، اذ من الافضل ان تبكي امه وليس امك. ماذا عن العراقيين الذين عادوا مع الغزاة او فتحوا له ابواب مدننا سذاجة أولايمانهم بتقاطع المصالح والبراغماتية السياسية، او لمصالحهم الذاتية والاستحواذية، او انتقاما ممن بقوا في العراق ليذوقوا الأمرين في ظل الحروب والحصار؟عندما انكشفت فضيحة التعذيب والقتل البشع في ابو غريب ونشرت الصور امام عيون العالم كله، صرح جلال الطالباني، مبتسما، بأن المسألة عادية تماما وان النظام السابق قد ارتكب ما هو أفظع. وكأن هناك مسابقة للتعذيب والقتل ضد الشعب العراقي دخلها السيد الطالباني وغيره من مستخدمي الاحتلال ومن الضروري ان يفوزوا بها علي النظام السابق، وأيده في موقفه وزير حقوق الانسان متناسيا اما لفرط غبائه او عبوديته الداخلية العميقة، طبيعة منصبه الذي يقتضي، ولو اسميا، الدفاع عن حقوق الانسان، أيا كان. وقام اياد علاوي، حال تنصيبه رئيسا للوزراء من قبل الحاكم العسكري بول بريمر باعلان الاحكام العرفية في العراق باستثناء المحافظات الشمالية، وكان الوجه العراقي لحصار الفلوجة، مدينة المساجد، وقصفها وتدميرها وقتل شبابها. وتم التدمير ذاته في كربلاء والنجف وسامراء وتلعفر والموصل من قبله ومن قبل من تلاه من رؤساء وزراء الاحتلال الطائفيين من الجعفري الي المالكي وبرئاسة الطالباني والبارزاني. والي الفريق المساهم في تفتيت العراق حجرا حجرا من عبد العزيز الحكيم الي حميد مجيد موسي، انضم طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الاسلامي، ليعتاش علي تعطشه للتمثيل الطائفي والتوسل بقوات الاحتلال للبقاء وعدم الرحيل. وقد أصدر سدنة الطائفية والعرقية، جميعا، تصريحاتهم بمناسبة مرور خمس سنوات علي الاحتلال، تحدثوا فيها كلهم وبلا استثناء عن ضرورة محاربة الارهاب محذرين من عواقب المغادرة الفورية للقوات (متعددة الجنسية). وكان موفق الربيعي، وهو الذي كافأه بول بريمر بتعيينه مستشارا للأمن القومي، وهو منصب استحدث من اجله ولا يحق للحكومة العراقية (ذات السيادة) أقالته، قد سارع لاطلاق التصريح كعادته. والمعروف ان الربيعي، أو مو بيكر وهو الاسم الذي كان يفضل استخدامه في بريطانيا، كان ممثلا لحزب الدعوة في الثمانينات، وتربطه علاقة جيدة بمؤسسة الخوئي الداعمة للسياسة الامريكية في العراق والشرق الاوسط، وكانت مكافأة بول بريمر له لقاء خدماته كصبي ينقل الرسائل بينه وبين آية الله السيستاني. ويتميز الربيعي بجرأته في اطلاق التصريحات الكاذبة المفضوحة وهدوئه وهو يتراجع عنها وسرعة بديهيته في اطلاق تصريحات تناقضها تماما. فهو الذي صرح بعد تفجيرمرقد الامامين في سامراء وبثقة عالية وفي وقت كان فيه الوضع بأمس الحاجة الي التهدئة، بان الارهابيين السنة هم الذين فجروه حسب الـ بي بي سي . وهو الذي صرح في واشنطن في تشرين الاول (اكتوبر) 2007 بان سبب الجرائم المرتكبة من قبل شركات الحماية هو تمتعهم بالحصانة حسب قرار 17 الذي اصدره بريمر. ما لم يذكره الربيعي بانه، وقتها، كان مستشارا لسلطة التحالف ولم يعترض علي شيء اصدرته السلطة بل كان واحدا من المعروفين بالطاعة العمياء لبريمر. وكان الربيعي واحدا ممن حضروا اعدام صدام حسين وخرج ليكون اول المصرحين بان صدام حسين اصيب بالانهيار، الي ان تم عرض فيلم اعدامه البربري. وبرر الربيعي همجية الفعل واصوات الانتقام والهتافات بان (من تقاليد الشعب العراقي ان يرقص حول جثث موتاه)، محاولا بذلك تبرير الفعل اللانساني المخالف لكل وعود حقوق الانسان في ظل العراق الديمقراطي الجديد. وعاد الربيعي، وهو الطبيب الانسان افتراضا، كما هو حال الطبيب اياد علاوي والجعفري، لينافس وزيرة الخارجية الامريكية السابقة مادلين اولبرايت، عندما صرحت في التسعينات، بأن قتل نصف مليون طفل عراقي، ثمن يستحق تغيير الحكم في العراق. اذ صرح لشبكة سي ان ان الامريكية، يوم الاحد الماضي، ان الحرب في العراق مبررة رغم كلفتها البشرية المرتفعة، في الجانبين الامريكي والعراقي وان (مقتل ملايين العراقيين وتشريدهم ثمن يستحق وصولنا الي السلطة)، حسب قناة الشرقية . تبين لنا تصريحات جنود الاحتلال وكتاباتهم ورسائلهم المنشورة علي مواقع الانترنت بأنهم يريدون مغادرة العراق بأسرع وقت ممكن لانهم جوبهوا بما لم يتوقعوه من (شعب ناكر للجميل لا يقدر تضحياتهم)، والادهي من ذلك يقاومهم بمختلف الطرق. وهم يناشدون قيادتهم العسكرية والسياسية بتخليصهم من ورطتهم الكبيرة، ليعودوا احياء الي بيوتهم. من جهة ثانية، يقف سرب عملاء الاحتلال في صف واحد، يجمعهم علي الرغم من خلافاتهم الطائفية والعرقية واقتتال ميليشياتهم وفسادهم المالي، الخوف من مغادرة قوات الاحتلال الحامية لهم في المنطقة الخضراء. واذا ما اعتبرنا تصريحات الربيعي ممثلة لهم فانه ولاول مرة ينطق بالحقيقة عندما توسل بقوات الاحتلال لتبقي، قائلا: (اذا لم ننتصر، اذا لم نربح هذه الحرب ستكون نهايتنا محتومة).