Sunday 13 July 2008

المقاومة العراقية تدافع عن حق تعليم فتياتنا وفتياننا

2008/07/06
لقد بلغ اهتمام رئيس وزراء حكومة الاحتلال نوري المالكي بالتعليم في العراق حدا جعله يعلن، منذ أيام، عن تشكيل لجنة للتحقيق فيما تم وصفه رسميا (ملابسات حادث الاعتداء) علي طلبة كلية التربية الأساسية اثناء تأديتهم الامتحان في المركز الامتحاني في منطقة سبع ابكار ببغداد، حيث تم اطلاق النار علي الطلاب من قبل حماية وزير التربية خضير الخزاعي خلال زيارة تفقدية له الي المركز.واصيب أربعة طلاب بجروح ويعاني احدهم من جروح خطيرة. ولن ادخل في متاهة تشكيل لجنة التحقيق وعملها لانها لن تكون غير واحدة من مئات اللجان التي تم تشكيلها في ظل حكومات الاحتلال المتعاقبة، ولم يسمع أحد بها او بنتائج عملها، بعد مرور بضعة ايام علي تشكيلها. فقد اتقنت حكومة الاحتلال الاعلان عن تشكيل اللجان ذرا للرماد في العيون وحسب مواصفات الديمقراطية بلا مساءلة.
الا ان الجوانب التي تستدعي التحليل والمناقشة بصدد (الحادث)، عديدة لعل اهمها هو موقف حكومة الاحتلال، متمثلا بوزير التربية وحمايته من التعليم والتربية؟ وأي منظور يستند اليه هو وحكومته عندما يطأ الحرم الجامعي أو مراكز الامتحانات او المدارس محاطا بفريق من رجال الحماية المدججين بالسلاح، ونحن نعرف جيدا نوعية رجال الحماية سواء كانوا من العراقيين او شركات الحماية الاجنبية من المرتزقة.
كلاهما يشكلان، وفقا لمتطلبات المهنة، حثالة الناس واشرسهم واقلهم وعيا واكثرهم جهلا.والمفارقة في الامر ان مسألة ادخال رجال الحماية باسلحتهم الي مراكز الامتحانات والمدارس لم تعد قضية مثيرة للاستغراب والتساؤل في العهد الديمقراطي الجديد اذ لم يتحدث خضير الخزاعي عن هذه النقطة في تصريحه عقب الجريمة بل وتمادي في تبرير سلوك حمايته الاجرامي قائلا بأن اطلاق حمايته النار علي الطلبة، كان ردا علي اطلاق نار تجاهه، حسب ما أبلغه أفراد حمايته، وان كان هو نفسه لم يسمع صوت الطلقات!هناك منظوران للحكم علي سلوك وزير التربية. الاول هو المنظور الديني والثاني هو السياسي - الديمقراطي. واستخدام المنظور الديني للحكم علي جريمة الاعتداء علي الطلبة ضروري، لا لانني أدعو الي استخدام المنظور الديني في المساءلة القانونية، بل لان تربية وتعليم وشهادة وعمل الوزير، وحسب ملخص حياته المقدم من قبله علي موقع وزراء حكومة الاحتلال، مرتبط بالدين، ومن الضروري النظر فيما كتبه الوزير عن نفسه لكونه العدسة أو الصورة التي يريد من الآخرين ان يروه من خلالها. فحسب الموقع انه الدكتور خضيرموسي جعفر الخزاعي الحاصل علي شهادتي دكتوراه، الاولي في علوم القرآن والثانية في فلسفة الفكر الاسلامي.
وقد مارس التعليم لمدة 15 عاما ودرّس في الجامعات لمدة 16 عاما ومؤلفاته تفسير القرآن بالقرآن والشيخ الطوسي
مفسرا واضاءات في التأصيل الثقافي ومفهوم الاستقامة في القرآن الكريم وهو شاعر ولديه ديوان شعر. مما يعني، افتراضا، بانه انسان تقي ورع، متفرغ للبحث، حساس يكتب الشعر، ويخاف الله في سلوكه ويحسن اداء عمله ويبذل اقصي جهده في التشجيع علي التعليم وحماية حق بناتنا واولادنا في واحد من اهم اسس بناء الانسان والمجتمع وتنمية البلد. فكيف أصبح سجل عمل وزارة التربية، في ظله، مثالا نموذجيا للتخلف والتراجع في المستوي حتي عن اشد الاوقات ظلمة في زمن الحصار؟
وكيف بات يطلق التصريحات المضللة ويسكت عن ذكر الحق؟ هل هو الدين حقا الذي يتسربل بردائه ام الطائفية المقيتة؟ أم انه الحزب الطائفي السياسي الذي ينتمي اليه ويرتبط بحبل السرة مع ادارة الاحتلال الامريكية الصهيونية؟ مما ينقلنا الي المنظور الثاني لمحاسبة جريمة اطلاق النار علي الطلاب العزل وهم الذين يناضلون يوميا من اجل الوصول الي مدارسهم وجامعاتهم علي الرغم من كل الظروف المأساوية التي يعانون منها. فحسب منظور الديمقراطية، والعراق حسب تأكيدات سادة الاحتلال وحكومته بلد ديمقراطي، تتوجب محاسبة خضير الخزاعي كوزير للتربية ومعاقبته حسب جريمته التي تم توثيقها تصويرا لا لانه هو الذي أطلق النار بيديه علي الطلاب ولكن لانه، بحكم موقعه كوزير، هو المسؤول عن توفير افضل الظروف للتلاميذ والطلاب لنيل ومواصلة التعليم وتأمين شروط الدراسة والمناهج والحماية وبضمنها رعاية المدرسين والمعلمين لاداء اعمالهم بلا عائق. كما لم يساعد اطلاق النار علي الطلبة، مهما كانت تبريرات الوزير وحمايته، علي تامين حق التعليم او حماية الطلاب.
وحسب علمي، لا يوجد هناك نظام ديمقراطي في امريكا وبريطانيا وبقية الدول الاوروبية علي الاقل، يمنح الوزراء او المسؤولين الحكوميين والنواب، حقوقا ومسؤولية علي الناس بدون مساءلة، كما يحدث اليوم في العراق. وكأنهم، مثل القوات الامريكية وافراد شركات الحماية والمرتزقة، يتمتعون بالحصانة القانونية من المساءلة تحت القانون العراقي. لقد ارتكب خضير الخزاعي جريمة مركبة بحق الاعراف والتقاليد المهنية التعليمية والجامعية وهو الذي يفتخر بدراساته وتدريسه وبحق الدين الذي يدعي تبنيه وبحق الديمقراطية التي باتت رديفا لقتل التعليم والعلماء والاكاديميين واطلاق النار علي الطلبة. وهذه الجريمة واحدة من العديد من الجرائم المرتكبة بحق ابناء شعبنا من قبل الاحتلال ومستخدميه الذين طالموا تحدثوا عن معاناتهم ومظلوميتهم في ظل النظام السابق. ان أحد الاسباب الرئيسية التي اعلنتها الادارة الامريكية، مرارا وتكرارا، لتبرير غزوها لافغانستان هو ان نظام (طالبان الاصولي المتخلف) قد منع الفتيات الافغانيات من الدوام في المدارس، مما ادي الي فقدان المرأة لحق من حقوقها الاساسية وهو حق التعليم. واهمية تعليم الفتيات مسألة لا يختلف عليها اثنان.
ولكن، اذا كانت الادارة الامريكية قد اطلقت علي نظام الحكم في افغانستان اسم (النظام الاصولي المتخلف)، فما الذي ستستخدمه لوصف صنيعتها في العراق المحتل التي حرمت الفتيات والفتيان سوية من حق التعليم، ومن يناضل منهم للوصول الي المدارس والجامعات علي الرغم من الاخطار المحيقة به يتم اطلاق النار عليه؟ وما هو الوصف الملائم لنظام دفع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) الي التقرير بأن قرابة مليوني طفل في العراق يواجهون تهديدات بالغة الخطورة كسوء التغذية والمرض واضطرابات في التعليم؟ وكما قالت فيرونيك تافو، المتحدثة باسم المنظمة: (ان ثمانية وعشرين في المئة فقط من الطلاب في سن السابعة عشرة تمكنوا من أداء الاختبارات النهائية في مدارسهم، ولم ينجح في تلك الاختبارات سوي أربعين في المئة من الممتحنين. إن الأوضاع تتدهور بشكل مستمر لذا تمنع الكثيرات من الأمهات أبناءهن من الذهاب للمدارس خوفا علي سلامتهم). ان ما يمر به العراق منذ احتلاله وحتي اليوم وسيستمر ما دام الاحتلال قابعا علي صدورنا، مهما اطلقوا من تصريحات رنانة عن مشاريع وعقود لتشجيع التعليم واعادة تأهيل المدارس والنظام التعليمي، هو ازدواجية المعايير والانتقائية باوضح صورها وصناعة للتجهيل والتخلف بشكل منهجي يرتبط بالسياسة الاستعمارية التقليدية في جوهرها، وان ارتدت زي الديمقراطية الملون.
ان الجهل هو صنو العبودية والاستسلام والتعليم هو صنو الحرية والكرامة وبناء الوطن، فهل من المستغرب ان يهدم المحتل مدارسنا ويقتل مدرسينا وعلماءنا وتساهم حمايات وزراء الاحتلال باطلاق النار علي تلاميذنا وطلابنا؟ ففي الجزائر حرم المستعمرالفرنسي التعليم علي الرغم من كونه، كما المستعمر الامريكي والبريطاني المؤكد علي أهمية التعليم القصوي في بلدانهم، فاضطرت المقاومة الي استنباط كل الطرق الممكنة من اجل تعليم الابناء والبنات وباللغة العربية ولو في المستوي الابتدائي، فوقعت علي المقاومة الحريصة علي مستقبل ابنائها، مهمة رعاية التعليم بالاضافة الي مهمتها البالغة الصعوبة والتعقيد في قتال العدو المحتل. ونري الامر ذاته يتكرر في فلسطين المحتلة. فمن ناحية، يعرف الفلسطيني جيدا اهمية التعليم، مما دفع المفكر الراحل ادوارد سعيد الي القول في ندوة عن مفهوم السلام العادل بأن السلام العادل يجب ان يرتكز علي أربعة عناصر أساسية، أحدها التعليم.
ومن ناحية اخري، يدرك المحتل الاسرائيلي خطر التعليم علي وجوده فيحاربه بكل الطرق التعسفية ومنها اطلاق جنود الاحتلال الصهيوني الرصاص علي التلاميذ المتوجهين الي مدارسهم او تعطيلهم واهانتهم عند نقاط التفتيش وقصف المدارس والطلاب في الصفوف.
وهذا ما يتم في العراق اذ تبذل فصائل المقاومة جهدها في حماية حق فتياتنا وفتياننا في التعليم وايجاد البدائل حسب الامكانيات المتوفرة، علي الرغم من كل الصعاب وشحة الموارد ومواجهتها لاقوي قوة عسكرية في العالم التي وباسم الديمقراطية، احتلت المدارس وقصفتها وهدمتها وما تبقي منها احتلته ميلشيات التخلف والتجهيل. وها هو وزير التربية، حامل شهادة الدكتوراه مرتين، يطلق رصاصة الموت علي ما تبقي منها خلال (زياراته التفقدية)، ليثبت بان يعمل مع منظومة الاحتلال، وان كان شاعرا وكاتبا ساذجا بداية، سيكتسب ويتشبع بخصائصها الاجرامية، تدريجيا