Thursday 10 January 2013

العراق: انها جمعة هزيمة المحتل وليس الامتنان

09/12/2011
 انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي دعوة للتظاهر في كافة المدن العراقية، كما في ساحة التحرير ببغداد، يوم الجمعة المصادف 30 /12/2011، أي اليوم المحدد لجلاء آخر قوات الاحتلال الامريكية.
وتم اطلاق اسم 'جمعة هزيمة الاحتلال' على التظاهرات وليس 'جمعة الوفاء' كما يريد ساسة حكومة الاحتلال. وقام باطلاق الدعوة عدد من منظمات المجتمع المدني ومجموعات شباب من طلبة الجامعات ومثقفون مستقلون وشخصيات وطنية ناشطة في مجال مناهضة الاحتلال والمطالبة بتحرير العراق ممن يحاول تفتيته تحت عباءة دستور المحتل وسياسة التفرقة الدينية والطائفية والعرقية.
من بين المواقع التي دعت الى التظاهرة: الثورة العراقية الكبرى، ائتلاف ثورة 25 شباط، انتفاضة احرار العراق، لن نستسلم، ليلة سقوط المالكي وتجمع شباب الأنبار وائتلاف ارحلوا. وهي مواقع انصح بزيارتها لمتابعة آخر اخبار النشاطات الشبابية خاصة، وان هناك تعتيما اعلاميا شبه كامل على حركة التظاهرات والاحتجاجات السلمية في العراق المحتل، التي انطلقت بشكلها الحالي منذ 25 شباط/ فبراير.
ولم تتمتع الحركة المستمرة كل يوم جمعة بمثابرة وعزيمة بالتغطية الاعلامية المرجوة، خلافا لما حظت به بقية التظاهرات في البلدان العربية. وقد ادى التعتيم الاعلامي على نشاطات الاحتجاج السلمية في العراق الى حرمان المجموعات المتظاهرة، من ايصال اخبارها الى بقية انحاء العراق والعالم الخارجي فضلا عن حرمانه من الدعم المعنوي وما توفره اجهزة الاعلام، اذا ارادت، من اسلوب التواصل والتحفيز.
وترى الكاتبة والناشطة الهندية المعروفة ارونداتي راي ان اهمية النشر الاعلامي للفعل الاحتجاجي السلمي يعادل، احيانا، الفعل نفسه، اذ تقول ' مافائدة ان يضرب عدد من الفلاحين، في قرية نائية، عن الطعام وحتى الموت اذا لم يصل خبر الاضراب الى آخرين فيدفعهم الى اتخاذ موقف ما؟'.
والمعروف ان المحتجين اطلقوا اسما على كل جمعة تجمعوا فيها في ساحة التحرير ببغداد وساحات المدن الاخرى. من بين الاسماء جمعة الغضب والكرامة، الحرية / ئه زادي، التغيير، رفضا لبقاء الاحتلال، اطلاق سراح المعتقلين، بغداد تساند غزة، وفجر المحررين.
وتم الاتفاق على اطلاق اسم 'الشعب يريد اسقاط النظام' على يوم الجمعة المصادف 23 كانون الاول / ديسمبر، كما اضيفت جملة 'ثوروا كما ثار جدنا الحسين على الظلم والمذلة' الى الملصق المصاحب للدعوة على موقع الثورة العراقية الكبرى.
وقد واظب المتظاهرون على طرح مطالبهم المتضمنة انهاء الفساد ورفض المحاصصة الطائفية بأشكالها واطلاق سراح المعتقلين وتوفير الخدمات واحترام حقوق الانسان، مرددين 'هيهات منا المذلة'. وكان في صميم المطالب الالتزام بموعد رحيل قوات الأحتلال من كافة ارجاء البلاد ومهما كانت مسمياتها مقاتلة او أمنية او تدريبية او مرتزقة.
فكان رد فعل حكومة المالكي وحشيا ادى الى قتل العشرات من المتظاهرين الشباب واعتقال اعداد كبيرة منهم وتعريضهم للضرب والتعذيب والتهديد بالقتل. كما تم ارسال شاحنات مليئة بالثرثرية للاعتداء على المتظاهرين، خاصة الفتيات منهم.
وكان يوم الاول من كانون الاول/ديسمبر الماضي، اضافة جديدة الى جراح العراقيين حيث اقام ساسة الاحتلال حفلا لتوديع قوات الاحتلال، في المنطقة الخضراء، بحضور نائب الرئيس الامريكي جو بايدن، قدم فيه ' فخامة الرئيس' جلال الطالباني هدايا تذكارية للجنود الأمريكيين (كأنهم كانوا في زيارة سياحية للعراق ولم يسببوا قتل مليون مواطن).
كما عبر الطالباني في كلمته أمام قوات الاحتلال عن 'الامتنان ونحملهم تحياتنا الى الشعب الامريكي العظيم والى الرئيس باراك اوباما وللكونغرس ونعاهدهم ان العراق الذي حقق السيادة الوطنية الناجزة سيظل وفيا للعهود وللمواثيق وصديقا للولايات المتحدة الامريكية'.
مؤكدا وفاءه لسادته في 'مرحلة جديدة من التعاون وضعت ملامحها وآفاقها في اتفاقية الاطار الاستراتيجي المعقودة بين الدولتين والتي صارت اساسا للعلاقات المستقبلية بين بلدينا'.
ولئلا يعتبر نوري المالكي اقل وفاء من الطالباني، أكد هو الآخر على اهمية استمرار العلاقة بين البلدين عبر اتفاقية الاطار الاستراتيجي و'ضرورة وجود مدربين أمريكيين لتدريب القوات العراقية'. مما يعني ان المفاوضات حول حصانة القوات والمدربين التي علكها المالكي وغيره على مدى شهور ما هي الا ملهاة لتحويل انظار العراقيين عن حقيقة المعاهدات الموقعة، لأننا نعلم بان المدربين والمتبقي من القوات سيكونون على ملاك السفارة الامريكية مما يجعلهم، بالضرورة يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية.
وقد قامت اللجنة التحضيرية لاعتصام ' جمعة هزيمة المحتل' باصدار بيان (اضافة الى دعوة كافة المواطنين) وجهته الى اجهزة الاعلام العراقية والعربية، التي تقوم بنشر الاخبار حول انسحاب قوات الاحتلال وتقديمها 'وكأن حكومة المنطقة الخضراء هي صاحبة الفضل بخروج الاحتلال' محاولين بذلك محو دور المقاومة الباسلة التي دفعت من دماء الشهداء ثمنا غاليا لتنظيف الوطن ممن دنسه.
وأكد البيان على استمرار الشباب، في حال عدم اكمال الانسحاب، بالاعتصام والاحتجاج حتى رحيل آخر 'جندي أمريكي وتحت أي مسمى أو مسوغ وحجة تتبناها حكومة الاحتلال' وان الاستعداد جار لفتح صفحة جديدة من المقاومة 'على أعتاب مرحلة هامة وحساسة من تاريخ العراق' والحاجة ماسة الى مساندة الشباب المتظاهرين عن طريق تغطية نشاطاتهم في 'جمعة هزيمة المحتل'، وهو اضعف الايمان. وتذكرني مثابرة المحتجين وعزيمتهم التي لم يتطرق اليها الوهن على الرغم من كل الصعوبات والعراقيل، بما كتبه أحد جنود الاحتلال في آب / أغسطس 2008، في مدونته، قائلا':
'قمنا بتفجير بيت احد العراقيين لكي تتوفر لدينا مساحة أكبر لتجمع السيارات. هذا البيت كان ملكا له ولعائلته من قبله. لعدة ايام، بعد التفجير، واصل الرجل المجيء لجمع الطابوق، المتناثر على مبعدة عشرات الامتار. أراد أن يعيد بناء بيته بنفس الطابوق
'.