16/09/2011
في مؤتمر صحافي، عقد في الاسبوع الماضي، تحدث النائب وعضو ' لجنة النزاهة'
صباح الساعدي، بغضب شديد، عن نظام نوري المالكي والفساد المستشري فيه
وحملات الاغتيالات المستهدفة لكل من يعارضه والمستقبل السياسي المظلم
المتوقع 'خلال العشر سنوات المقبلة' اذا ما استمر الحال كما هو عليه الآن.
وجاء حديثه تعقيبا على استقالة القاضي عبد الرحيم العكيلي، رئيس لجنة
النزاهة، المعنيـة بالنزاهـة العامة ومكافحـة الفسـاد، حسب تعريفها الرسمي.
والمعروف ان العراق يحتل المركز الرابع عالميا والثاني عربيا بين الدول
الاكثر فسادا في العالم. وهي مرتبة حاز عليها العراق، بجدارة، منذ احتلاله
في عام 2003 ومع تعاقب حكومات الاحتلال.
وقد تم تدوير رابط تصريح الساعدي، الموجود على اليوتيوب، من قبل الكثيرين. واصفين اياه بانه تصريح شجاع وجريء. ويستحق التصريح الغاضب من النائب الساعدي وقفة لاسباب عديدة قد لايكون احدها كونه صريحا وجريئا، لأن المؤتمرات الصحافية التي يعقدها النواب بكرة واصيلا، ما بين المقابلات التلفزيونية والندوات، ما هي الا جزء لا يتجزأ من 'اللعبة السياسية' وما تمخض عنها من محاصصة طائفية وعرقية ونهب مستديم. انها جعجعة بلا طحين، أنتجت في سنوات قلائل، والحق يقال، نخبة من ساسة مهرة، بشكل مذهل، في الرطانة اللفظية وتوجيه الاتهامات والتلون حسب الحاجة. فكل سياسي يعقد مؤتمرا صحافيا، يجمع مايكروفونات اجهزة الاعلام أمامه ليصرح متهما الآخرين بالفساد والطائفية ومحاولة تقسيم العراق موحيا بانه النزيه، الشريف، المستقل، المضحي بحياته من اجل العراق وابناء شعبه المظلوم (وهي صفة صارت مرادفة للشعب في ظل حكمهم).
أخبرنا الساعدي في مؤتمره بأن استقالة القاضي، رئيس هيئة النزاهة، أخيرا، حدثت بعد أن طلب منه حزب الدعوة الحاكم بقيادة نوري المالكي، فتح ملفات فساد ملفقة بحق اثنين من الساسة هما أحمد الجلبي وجواد البولاني (كأنهما بحاجة الى فتح ملفات ملفقة). كما انتقد البرلمان لجعله الحكومة تتحكم بالهيئات المستقلة، ثم اتهم المالكي بانتهاجه ذات النهج الذي انتهجه رئيس النظام السابق صدام حسين في الاستبداد. موضحا بان مصير الساسة المتعاونين مع المالكي والساكتين على سياسته سيكون وخيما. وان مسؤولية الاغتيالات بالكاتم بالصوت هي مسؤولية النظام. مشبها نفسه بالصحافي والناشط هادي المهدي، الذي تم اغتياله في الاسبوع الماضي، لانه لم يسكت على الظلم اليومي الذي يتعرض له الشعب، كما حذر من أنه قد يكون الضحية التالية مبينا بان قاتل المهدي معروف ويتحمل نظام المالكي المسؤولية. وقد اثار تصريح الساعدي بعض اللغط، حيث تحمس عدد من نواب قائمة المالكي مهددين ومطالبين بطرده من البرلمان. كما نقلت وكالات الانباء خبرا عن رفع المالكي دعوى قضائية ضد الساعدي. والمعروف ان مكتب المالكي والرئيس الطالباني بمستشاريهم الكثر لايتوانون عن رفع القضايا ضد آخرين وبالتحديد الصحافيين مطالبين اياهم بتعويضات خيالية تؤدي غالبا الى اغلاق الصحيفة وافلاس صاحبها، اذا لم يتم اسكاته بطرق اخرى، أقل اثارة للانتباه من المحاكم. خاصة وان سعر كاتم الصوت، في 'العراق الجديد' هو 45 دولارا وان اجرة القاتل لاغتيال اي مواطن لاتزيد عن 400 دولار. وقد لوحظ، في العامين الاخيرين، تزايد الطلب على هذه الطريقة لحل النزاعات وتصفية العسكريين بالاضافة الى الاساتذة والاطباء. من هذه الناحية، ليس من المستغرب ان يعنون بعض الصحافيين مقالاتهم عن تصريحات الساعدي بعناوين على غرار 'الى جنات الخلد ياصباح الساعدي' و 'صباح الساعدي يرثي نفسه'.
الا ان محاولة توزيع البورتريه الوطني، النزيه، المستقل الذي رسمه الساعدي عن نفسه ليتماهى مع الراحل هادي المهدي، أمر يستحق التدقيق، لئلا ندخل في لعبة تبييض الوجوه وتبادل الاتهامات والاستغراق في التفاصيل حتى تضيع ملامح الصورة الكبيرة والاسباب الحقيقية. خاصة وان عدد الذين تتم ازاحتهم قسرا من 'الحكومة' ليتصارعوا على هامش الحلبة، في تزايد مستمر. فالساعدي كان قياديا بارزا في حزب الفضيلة، وهو حزب شيعي منخرط في عملية الاحتلال السياسية ومحاصصاتها ويتبع في مرجعيته الدينية الشيخ محمد اليعقوبي الذي كان قد اصدر بيانا يوم 24 شباط/ فبراير ( قبل تظاهرة الجمعة الاولى في ساحة التحرير) اعتبر فيه 'أن تظاهرات الجمعة المرتقبة مثيرة للشك والتوجس لعدم معرفة الجهات التي تقف وراءها'، مؤكداً عدم تحمله مسؤولية المشاركة فيها. مما يعني، في الواقع، انه أفتى بتحريم المشاركة في التظاهرات.
وقد فاز الساعدي بمقعده البرلماني عبر حصة حزب الفضيلة في الائتلاف الوطني، واستقال منه بعد اعلان النتائج لأسباب قال إنها تتعلق بعدم وجود تنوع سياسي داخل الحزب وان واصل عمله ضمن ذات الائتلاف الوطني الذي ينضوي في مكوناته حزب الفضيلة. وهي لعبة يمارسها الساسة الآن بسخاء كبير. فيوم مع هذا الحزب او هذه الكتلة ويوم مع ذاك التجمع او المجلس قبل ان يؤسس 'المنشق' أو 'المستقيل' حزبه الخاص لينضم الى ذات الكتلة، مؤتلفا بالحصيلة مع الحزب الذي استقال منه او انشق عنه. والساعدي معروف بكثرة تصريحاته داخل برلمان المنطقة الخضراء أو في ردهاتها فيما يخص العديد من القضايا وان ركز، في الآونة الأخيرة، على قضايا الفساد. ومن بينها تصريحه حول وجود مساومات تجري للتغطية على فضيحة صفقة الزيت الفاسد بمحافظة البصرة التي تقدر قيمتها باكثر من 55 مليون دولار حيث يراد توزيع هذه الزيوت الفاسدة على عدد من المحافظات وان رئيس الوزراء يتحمل المسؤولية الكاملة عما يجري بشأن صفقة الزيت. الا ان تصريحاته عن الفساد لم تنفعه كثيرا امام غضب الناس الحقيقي على الفساد، حيث تعرض يوم الجمعة 25 شباط / فبراير، للرشق بالحجارة وعلب المشروبات الغازية الفارغة من قبل المتظاهرين في ساحة التحرير ببغداد وهم يرددون شعارات ضده يتهمونه فيها (ياللمفارقة!) بالسرقة والفساد. واذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان الراحل هادي المهدي كان احد الموجودين في الساحة، واستمر بالتواجد، حتى اغتياله بكاتم الصوت قبل تظاهرة يوم التاسع من ايلول/ سبتمبر، وان الساعدي أكد في خطاب استقالته بانه سيقوم بالانفتاح على كل مكونات العملية السياسية، وهي ذات المكونات المسؤولة، حتى ولو بحكم احتلالها مناصب حكومية، عن الفساد والجرائم والاغتيالات فضلا عن التفجيرات الحاصدة لارواح المواطنين يوميا، لوجدنا ان غضب الساعدي ومن سبقه من الغاضبين على ما يجري من 'فساد ومحاصصة حكومية' انما هو غضب على التفاصيل التي لم تسر كما اشتهت انفسهم. وهو غضب يشبه ما يشعر به بعض المسؤولين والمثقفين اليمينيين الامريكيين ضد ادارة جورج بوش. انهم غاضبون لا لأنهم ضد سياسة التوسع الامريكي الامبريالي او لانهم يقفون بجانب الشعوب المضطهدة بل لأن ادارة بوش لم تحقق النصر السريع الذي كانوا يحلمون به في العراق، أو لان الادارة لم ترسل قواتا كافية لتحقيق النصر السريع. وهذا هو الموقف الذي بتنا نسمعه من بعض الساسة العراقيين وهم في خضم الصراعات على المناصب وتقاسم الغنيمة، كما نسمعه من المثقفين المتعاونين سواء مع الاحتلال او حكوماته المتعاقبة.
ان الوقوف الى جانب الشعب للقضاء على الفساد والفرهود وحملات التصفية الجسدية والارهاب الفكري يقتضي الاقرار اولا بان الاحتلال وتركيبته من الشركات الاحتكارية وصناع السلاح وفرق الموت والمرتزقة والمتعاقدين المحليين جزء لايتجزأ من العملية السياسية وان اي تغيير حقيقي لن يتم من خلال تبادل ساسة الحكومة وبرلمانيها ولجانها كرة الاتهامات في ردهات المنطقة الخضراء. ان المتظاهرين الذين طردوا الساعدي وممثل القائمة العراقية من ساحة التحرير يدركون جيدا أي خراب سببه الساسة للعراق والشعب، وكيفية استخدام الفتاوى الدينية لتمرير الالتواءات السياسية، كما يدركون ان البرلمان مسرح يتسابق فيه البرلمانيون على اداء ادوار تمثيلية لا اقل ولا اكثر. فحين تقوم احدى البرلمانيات بالقاء اسئلة قد يجدها البعض 'جريئة' على وزير او مسؤول او حتى بتوجيه اتهامات يستقبلها الوزير والمسؤول برحابة صدر، لا لأن الاثنين مؤمنان بالنهج بالآلية الديمقراطية، ولكن لأن الاثنين يعرفان جيدا بأن هذه الاسئلة لن تصل مرحلة تحميل الوزير او غيره المسؤولية وهي المرحلة التي تشكل جوهر الديمقراطية. فكم نائب تمت محاسبته حتى الآن وكم وزير ومستشار ومسؤول؟
وقد تم تدوير رابط تصريح الساعدي، الموجود على اليوتيوب، من قبل الكثيرين. واصفين اياه بانه تصريح شجاع وجريء. ويستحق التصريح الغاضب من النائب الساعدي وقفة لاسباب عديدة قد لايكون احدها كونه صريحا وجريئا، لأن المؤتمرات الصحافية التي يعقدها النواب بكرة واصيلا، ما بين المقابلات التلفزيونية والندوات، ما هي الا جزء لا يتجزأ من 'اللعبة السياسية' وما تمخض عنها من محاصصة طائفية وعرقية ونهب مستديم. انها جعجعة بلا طحين، أنتجت في سنوات قلائل، والحق يقال، نخبة من ساسة مهرة، بشكل مذهل، في الرطانة اللفظية وتوجيه الاتهامات والتلون حسب الحاجة. فكل سياسي يعقد مؤتمرا صحافيا، يجمع مايكروفونات اجهزة الاعلام أمامه ليصرح متهما الآخرين بالفساد والطائفية ومحاولة تقسيم العراق موحيا بانه النزيه، الشريف، المستقل، المضحي بحياته من اجل العراق وابناء شعبه المظلوم (وهي صفة صارت مرادفة للشعب في ظل حكمهم).
أخبرنا الساعدي في مؤتمره بأن استقالة القاضي، رئيس هيئة النزاهة، أخيرا، حدثت بعد أن طلب منه حزب الدعوة الحاكم بقيادة نوري المالكي، فتح ملفات فساد ملفقة بحق اثنين من الساسة هما أحمد الجلبي وجواد البولاني (كأنهما بحاجة الى فتح ملفات ملفقة). كما انتقد البرلمان لجعله الحكومة تتحكم بالهيئات المستقلة، ثم اتهم المالكي بانتهاجه ذات النهج الذي انتهجه رئيس النظام السابق صدام حسين في الاستبداد. موضحا بان مصير الساسة المتعاونين مع المالكي والساكتين على سياسته سيكون وخيما. وان مسؤولية الاغتيالات بالكاتم بالصوت هي مسؤولية النظام. مشبها نفسه بالصحافي والناشط هادي المهدي، الذي تم اغتياله في الاسبوع الماضي، لانه لم يسكت على الظلم اليومي الذي يتعرض له الشعب، كما حذر من أنه قد يكون الضحية التالية مبينا بان قاتل المهدي معروف ويتحمل نظام المالكي المسؤولية. وقد اثار تصريح الساعدي بعض اللغط، حيث تحمس عدد من نواب قائمة المالكي مهددين ومطالبين بطرده من البرلمان. كما نقلت وكالات الانباء خبرا عن رفع المالكي دعوى قضائية ضد الساعدي. والمعروف ان مكتب المالكي والرئيس الطالباني بمستشاريهم الكثر لايتوانون عن رفع القضايا ضد آخرين وبالتحديد الصحافيين مطالبين اياهم بتعويضات خيالية تؤدي غالبا الى اغلاق الصحيفة وافلاس صاحبها، اذا لم يتم اسكاته بطرق اخرى، أقل اثارة للانتباه من المحاكم. خاصة وان سعر كاتم الصوت، في 'العراق الجديد' هو 45 دولارا وان اجرة القاتل لاغتيال اي مواطن لاتزيد عن 400 دولار. وقد لوحظ، في العامين الاخيرين، تزايد الطلب على هذه الطريقة لحل النزاعات وتصفية العسكريين بالاضافة الى الاساتذة والاطباء. من هذه الناحية، ليس من المستغرب ان يعنون بعض الصحافيين مقالاتهم عن تصريحات الساعدي بعناوين على غرار 'الى جنات الخلد ياصباح الساعدي' و 'صباح الساعدي يرثي نفسه'.
الا ان محاولة توزيع البورتريه الوطني، النزيه، المستقل الذي رسمه الساعدي عن نفسه ليتماهى مع الراحل هادي المهدي، أمر يستحق التدقيق، لئلا ندخل في لعبة تبييض الوجوه وتبادل الاتهامات والاستغراق في التفاصيل حتى تضيع ملامح الصورة الكبيرة والاسباب الحقيقية. خاصة وان عدد الذين تتم ازاحتهم قسرا من 'الحكومة' ليتصارعوا على هامش الحلبة، في تزايد مستمر. فالساعدي كان قياديا بارزا في حزب الفضيلة، وهو حزب شيعي منخرط في عملية الاحتلال السياسية ومحاصصاتها ويتبع في مرجعيته الدينية الشيخ محمد اليعقوبي الذي كان قد اصدر بيانا يوم 24 شباط/ فبراير ( قبل تظاهرة الجمعة الاولى في ساحة التحرير) اعتبر فيه 'أن تظاهرات الجمعة المرتقبة مثيرة للشك والتوجس لعدم معرفة الجهات التي تقف وراءها'، مؤكداً عدم تحمله مسؤولية المشاركة فيها. مما يعني، في الواقع، انه أفتى بتحريم المشاركة في التظاهرات.
وقد فاز الساعدي بمقعده البرلماني عبر حصة حزب الفضيلة في الائتلاف الوطني، واستقال منه بعد اعلان النتائج لأسباب قال إنها تتعلق بعدم وجود تنوع سياسي داخل الحزب وان واصل عمله ضمن ذات الائتلاف الوطني الذي ينضوي في مكوناته حزب الفضيلة. وهي لعبة يمارسها الساسة الآن بسخاء كبير. فيوم مع هذا الحزب او هذه الكتلة ويوم مع ذاك التجمع او المجلس قبل ان يؤسس 'المنشق' أو 'المستقيل' حزبه الخاص لينضم الى ذات الكتلة، مؤتلفا بالحصيلة مع الحزب الذي استقال منه او انشق عنه. والساعدي معروف بكثرة تصريحاته داخل برلمان المنطقة الخضراء أو في ردهاتها فيما يخص العديد من القضايا وان ركز، في الآونة الأخيرة، على قضايا الفساد. ومن بينها تصريحه حول وجود مساومات تجري للتغطية على فضيحة صفقة الزيت الفاسد بمحافظة البصرة التي تقدر قيمتها باكثر من 55 مليون دولار حيث يراد توزيع هذه الزيوت الفاسدة على عدد من المحافظات وان رئيس الوزراء يتحمل المسؤولية الكاملة عما يجري بشأن صفقة الزيت. الا ان تصريحاته عن الفساد لم تنفعه كثيرا امام غضب الناس الحقيقي على الفساد، حيث تعرض يوم الجمعة 25 شباط / فبراير، للرشق بالحجارة وعلب المشروبات الغازية الفارغة من قبل المتظاهرين في ساحة التحرير ببغداد وهم يرددون شعارات ضده يتهمونه فيها (ياللمفارقة!) بالسرقة والفساد. واذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان الراحل هادي المهدي كان احد الموجودين في الساحة، واستمر بالتواجد، حتى اغتياله بكاتم الصوت قبل تظاهرة يوم التاسع من ايلول/ سبتمبر، وان الساعدي أكد في خطاب استقالته بانه سيقوم بالانفتاح على كل مكونات العملية السياسية، وهي ذات المكونات المسؤولة، حتى ولو بحكم احتلالها مناصب حكومية، عن الفساد والجرائم والاغتيالات فضلا عن التفجيرات الحاصدة لارواح المواطنين يوميا، لوجدنا ان غضب الساعدي ومن سبقه من الغاضبين على ما يجري من 'فساد ومحاصصة حكومية' انما هو غضب على التفاصيل التي لم تسر كما اشتهت انفسهم. وهو غضب يشبه ما يشعر به بعض المسؤولين والمثقفين اليمينيين الامريكيين ضد ادارة جورج بوش. انهم غاضبون لا لأنهم ضد سياسة التوسع الامريكي الامبريالي او لانهم يقفون بجانب الشعوب المضطهدة بل لأن ادارة بوش لم تحقق النصر السريع الذي كانوا يحلمون به في العراق، أو لان الادارة لم ترسل قواتا كافية لتحقيق النصر السريع. وهذا هو الموقف الذي بتنا نسمعه من بعض الساسة العراقيين وهم في خضم الصراعات على المناصب وتقاسم الغنيمة، كما نسمعه من المثقفين المتعاونين سواء مع الاحتلال او حكوماته المتعاقبة.
ان الوقوف الى جانب الشعب للقضاء على الفساد والفرهود وحملات التصفية الجسدية والارهاب الفكري يقتضي الاقرار اولا بان الاحتلال وتركيبته من الشركات الاحتكارية وصناع السلاح وفرق الموت والمرتزقة والمتعاقدين المحليين جزء لايتجزأ من العملية السياسية وان اي تغيير حقيقي لن يتم من خلال تبادل ساسة الحكومة وبرلمانيها ولجانها كرة الاتهامات في ردهات المنطقة الخضراء. ان المتظاهرين الذين طردوا الساعدي وممثل القائمة العراقية من ساحة التحرير يدركون جيدا أي خراب سببه الساسة للعراق والشعب، وكيفية استخدام الفتاوى الدينية لتمرير الالتواءات السياسية، كما يدركون ان البرلمان مسرح يتسابق فيه البرلمانيون على اداء ادوار تمثيلية لا اقل ولا اكثر. فحين تقوم احدى البرلمانيات بالقاء اسئلة قد يجدها البعض 'جريئة' على وزير او مسؤول او حتى بتوجيه اتهامات يستقبلها الوزير والمسؤول برحابة صدر، لا لأن الاثنين مؤمنان بالنهج بالآلية الديمقراطية، ولكن لأن الاثنين يعرفان جيدا بأن هذه الاسئلة لن تصل مرحلة تحميل الوزير او غيره المسؤولية وهي المرحلة التي تشكل جوهر الديمقراطية. فكم نائب تمت محاسبته حتى الآن وكم وزير ومستشار ومسؤول؟