Saturday 19 January 2013

اقبضوا على ساسة الاحتلال العراقيين!

23/11/2012
 تم في الاسبوع الماضي تبرئة مخرج الافلام الوثائقية البريطاني دافيد لولي ووكلن، من تهمة محاولة الحاق الأذى برئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير . وكان دافيد قد اقتحم قاعة المحكمة الملكية بلندن، يوم 28 ايار/مايس، اثناء وجود بلير كشاهد، متهما اياه بانه مجرم حرب وفاسد استفاد ماديا من صفقة الحرب العدوانية على العراق وإستلم عشرات الملايين من البنك الأمريكي جي بي مورغان. وليست محاولة دافيد لمواجهة توني بلير واتهامه بانه مجرم حرب الاولى من نوعها . اذ سبقتها ثلاث محاولات لالقاء القبض عليه من قبل مواطنين عاديين في عام 2010 في بريطانيا وتلتها محاولة اخرى، في هونغ كونغ، شهر حزيران / يونيو من العام الحالي.
وقد بات واضحا، في الآونة الأخيرة، انه لم يعد هناك من مكان يتوجه اليه توني بلير بأمان بشكل علني. فحين تم الاعلان، منذ اسابيع مثلا، عن مشاركته في مائدة حوارية في جامعة لندن، وقف المتظاهرون احتجاجا من الطلاب ومناهضي الحرب امام ابواب الجامعة فاضطرت الجامعة الى معاملته كمجرم هارب من العدالة ولايمكن توفير الحماية له بحضور الناس فتم اخفاء المعلومات عن مكان ووقت القاء المحاضرة بالضبط لحمايته وعلى الرغم من كونه محاطا بالحماية الخاصة.
وتم توثيق محاولات القاء القبض عليه كمجرم حرب وبالتفصيل على موقع الكتروني اسسه الكاتب الانكليزي جورج مونبيه بعنوان 'اقبض على توني بلير كمجرم ضد السلام'. وهو موقع من الضروري زيارته والاطلاع عليه للتعرف على تفاصيل مبادرة عملية بدأها مثقف ملتزم ومتمسك بقضايا انسانية مبدئية من بينها ان شن الحرب على العراق هو فعل عدواني ولاشرعي. وجاءت المبادرة والجائزة التي اسسها لتمنح لكل من يقوم بمحاولة القاء القبض على توني بلير نتيجة ادراكه بان الحكومة البريطانية تبذل اقصى جهدها لتمحو جرائم الحرب التي ارتكبتها في العراق وبرئاسة توني بلير. فجاءت مبادرته الفردية ليثبت بان المثقف، كما يقول بيكاسو، هو اكثر من صانع ديكور منزلي وان جرائم بلير بحق الشعب العراقي يجب الا تنسى (قارنوا ذلك بمثقفي ليبرالية الاحتلال العراقيين دعاة القبول بالامر الواقع) بل يجب التذكير بها دائما ومحاسبة المسؤول عنها، وفق القانون الدولي ان لم يكن المحلي، كمجرم حرب. والمعروف ان توني بلير كان قد ادين من قبل محكمة دولية في كوالالمبور في وقت سابق من هذا العام. كما أدين الى جانبه كل من جورج بوش وديك تشيني ودونالد رامسفيلد وألبرتو غونزاليس. واعتبرت السلطات الكندية هذه الادانة فاعلة ولم يعد بامكان اي من اولئك المدانين زيارة كندا. وتوني بلير واحد من سلسلة 'مجرمي الحرب' والساسة الفاسدين والمعادين للسلام المطاردين شعبيا وقضائيا في اوروبا. جنرال تشيلي المتقاعد بينوشيه كان واحدا منهم، كما صدر قرار ببريطانيا للقبض على وزيرة الخارجية السابقة وزعيمة المعارضة الاسرائيلية تسيبني ليفني. واجبر قرار صدر باعتقال الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الى الغاء زيارة له الى جنيف.
وتنبع قيمة هذه المبادرة من امكانية تطبيقها من قبل المواطنين العرب المقيمين في الغرب، خاصة العراقيين منهم، لالقاء القبض على الساسة الذين طالموا الحقوا بهم الأذى بانواعه وساهموا في تخريب البلاد. وبما ان الكثيرين من ساسة الاحتلال العراقيين وسارقي الاموال العراقية ومرتكبي الجرائم بانواعها بدءا من انتهاكات حقوق الانسان الى التهجير القسري هم من حملة الجنسية المزدوجة العراقية والاوروبية، خاصة، في بريطانيا. فمن المعقول الاستفادة من هذا المنفذ القانوني ليس بالضرورة لانزال العقوبة عليهم ولكن، على الاقل، كفعل رمزي سيجعلهم مقيدين في حركاتهم وتنقلاتهم ويذيقهم طعم ان يفقد الانسان حريته ويصبح مطاردا وخاضعا للتحقيق ولو لبضع ساعات. ومثال ذلك اعتقال المسؤول العراقي صادق كاظم ووضعه قيد الحجز الاحتياطي في باريس، في حزيران/يونيو الماضي، على اثر شكوى تقدم بها معارض ايراني واتهمه فيها بممارسة التعذيب وارتكاب جرائم حرب اثناء اعمال عنف جرت في معسكر اشرف عام 2009 في العراق. واوضح المعارض الايراني لوكالة انباء فرانس برس انه اعتقل على مدخل معسكر اشرف وضرب على رأسه ثم اقتيد إلى مركز الشرطة قبل ان يزج به في زنزانة مساحتها 12 مترا مربعا مع ثلاثين سجينا آخرين، تحت اشراف عسكريين عراقيين. وقد اعتقل المسؤول العراقي لدى مروره بفرنسا في إطار جولة اوروبية لوفد حكومي عراقي.
ان تبني العراقيين المقيمين في اوروبا لفكرة القاء القبض على ساسة النظام العراقي الوافدين بالمئات الى اوروبا اما للمتعة او زيارة عوائلهم او للاشراف على مشاريعهم التجارية وممتلكاتهم العقارية وحساباتهم المصرفية الناتجة من سنوات الفساد، تحتاج الى تجميع المعلومات الموثقة بالاسماء والاماكن والشهادات وخاصة ما له علاقة بانتهاكات حقوق الانسان كالتعذيب ومن ثم ابلاغ السلطات المحلية عنها مع مراعاة اتمام كل الخطوات بطرق سلمية. انها خطوة تحتاج صبرا ومثابرة لتؤتي ثمارها. انها، ايضا، خطوة ستثبت للجلادين والفاسدين ومجرمي الحروب بأن العالم، على سعته، سيضيق بهم. واكثر من ذلك، انها خطوة ضرورية لمنح المرء الاحساس بالقوة، والقدرة على تحقيق العدالة، وتجاوز الاستسلام والخنوع.. ولأن العدالة هي خبز الشعب، كما يقول المسرحي الالماني برتولت بريخت، فلا بد أن 'يخبز الشعب خبز العدالة وفيراً، ومشبعاً، ويومياً
' .