18/01/2013
سأعود الى محنة المعتقلين العراقيين، المنسيين في غياهب المعتقلات الخاصة
والعامة بانواعها، تلك التابعة بوزارة العدل، وهي وحدها ما يتحدثون عنه، أو
لأكثر من عشرة لفرق عسكرية بألويتها المتعددة المنتشرة في جميع المحافظات،
ولقوات الشرطة والامن التي لا تحصى، وكلها مرتبط برئاسة الوزراء. سأعود
اليها مرة ثانية وثالثة ورابعة وعاشرة ... لأقول مع المتظاهرين والمعتصمين
في ساحات الكرامة، في ارجاء العراق، كفى للاعتقالات والتعذيب، كفى للاهانات
اليومية واحتقار الناس، كفى للابتزاز والترويع بالتهم الجاهزة. نعم
للمطالبة بتحقيق العدالة ومعاقبة المسؤولين ووضع حد لانتهاكات حقوق الانسان
المنهجية التي فاقت كل تصور وبلغت أوجها تحت النظام الحالي في ظل توجيه
الاتهامات للمتظاهرين بانهم أصحاب أجندة وتمويل خارجي حين أسقط المعتصمون
تهمة الطائفية. ولايشفع للمتظاهرين مطالبهم الحقيقية المشروعة وسلمية
اعتصاماتهم وحرصهم على وحدة العراق والوطنية الشاملة.
ويوافق الصحافي جاسم الشمري (15 كانون الثاني - السبيل الاردنية) مثقفي اليسار رأيهم قائلا بأن هناك، حقا، تمويلا للحراك الشعبي. ولكن هوية الممولين الحقيقيين هي الظلم، هي باختصار شديد' الاعتقالات العشوائية المستمرة في عموم البلاد. التعذيب المستمر داخل المعتقلات الحكومية السرية والعلنية. ابقاء المعتقلين قيد الاحتجاز لسنوات دون أن تعرض أوراقهم على القضاء. وشايات المخبر السري الباطلة. اتباع الحكومة لأساليب بعيدة عن الأخلاق الإسلامية والعربية والأعراف الاجتماعية، ومن ذلك اعتقال النساء بدلاً عن الرجال؛ كورقة ضغط من أجل تسليمهم أنفسهم بعدما تركوا بيتهم خوفاً من الاعتقالات العشوائية الظالمة. المادة (4 ) ارهاب، وهي مادة مسمومة تشمل كل من يعارض الوضع الحالي في العراق، وأحكامها قد تصل إلى الاعدام'. ويرى الشمري ان 'أهم الممولين للبركان العراقي، هو النفس الطائفي المقيت' الذي يبثه النظام الحالي وان ادعى الوطنية. ازاء هذه الانتهاكات التي يرقى الكثير منها الى مستوى الجرائم اليومية بحق المواطنين، هل المتظاهرون بحاجة الى المئة دولار، ثمنا، كما اتهمهم المالكي، لينطلقوا الى شوارع وساحات مدنهم مطالبين بحقوقهم القانونية المشروعة ؟
ولننظر الى رد فعل النظام وتلبيته لمطالب المتظاهرين خلال الاسبوع الماضي. لقد انخفض معدل ظهور 'دولة رئيس الوزراء' امام اجهزة الأعلام واطلاقه التصريحات المهينة للشعب الى أدنى مستوى. واصبحت جملة 'مطالب المتظاهرين مشروعة' هي الشائعة بين الساسة. وتم اطلاق سراح 13 معتقلة (طالما انكر النظام وجودهن اساسا!) و335 معتقلا. ووقف حسين الشهرستاني، رئيس اللجنة السباعية في التحقيق بقضايا المعتقلين ومطالب المتظاهرين، معتذرا من المعتقلين الابرياء (بعضهم قضى ما يزيد على الاربع سنوات في المعتقل بلا حكم قضائي)، استجابة لمطالب المتظاهرين بعد ان كان رئيس حكومته قد وصف التظاهرات بالفقاعة ومطالبهم بالنتنة.
ومن الضروري تفحص الاسباب التي دعت النظام الى تغيير موقفه من الاحتقار المطلق للمتظاهرين الى تقديم التنازلات، مهما كانت شكلية أو مؤقتة. اهم الاسباب هي : اولا اصرار وصمود المتظاهرين على البقاء وقدرتهم على التنظيم ومحافظتهم على سلمية التظاهرات. ثانيا : زيارة العلامة الشيخ عبد الملك السعدي للمتظاهرين في الانبار (حيث اندلعت شرارة الانتفاضة) وخطابه التوحيدي (في 1 كانون الثاني) قائلا: 'انكم 'شيعة' طالما تحبون آل البيت عليهم السلام، والشيعة هم 'سنة' طالما يقدسون السنة النبوية ويعدونها بعد كتاب الله مرجعية لهم'. ثالثا: بعد سماع خطاب السعدي، أيد السيد مقتدى الصدر (2 كانون الثاني) مطالب المتظاهرين بداية، رابعا : زيارة ممثل الامم المتحدة في العراق مارتن كوبلر (يصفه البعض بانه صوت امريكا في العراق) للمرجع الديني الأعلى علي السيستاني (13 كانون الثاني)، لبحث 'الأزمات التي تمر بها البلاد' بعد ان قام بزيارات مكوكية سريعة الى رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني ( 12 كانون الثاني)، ورئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي، في (10 كانون الثاني)، وعدد من الساسة الآخرين. وكان كوبل قد دعا في (9 كانون الثاني)، المتظاهرين إلى الحفاظ على الطابع السلمي للتظاهرات، فيما طالب القوات الأمنية بممارسة أقصى درجات ضبط النفس. وصرح كوبلر بان لقاءه بالمرجع السيستاني بدد ' مخاوف للأمم المتحدة بخصوص جر البلد الى العنف من جديد'. خامسا: يوم 14 كانون الثاني، اصدر آية الله علي السيستاني توصياته برفض حل البرلمان، وتطبيق أغلب مطالب المتظاهرين في موضوعي المعتقلين وحقوق المشمولين بقانون الاجتثاث.
ومن المفيد قراءة تصريح كوبلر الذي اعقب زيارته للمرجعية لفهم طبيعة ما تلاها من توصيات جعلت قادة التحالف الوطني الحاكم وبقية ساسة 'العملية السياسية' يتراكضون للقاء بعضهم البعض ومحاولة ايجاد مخرج لما يكاد يلتهمهم قبل غيرهم من تغيير، اذ قال: 'لم أتخذ أية مواقف تجاه شرعية المطالب، ولكنني قلت أن بعضها يمكن معالجته على الفور في حين أن بعضها الآخر يمكن التصدي له على المدى الطويل'. وهو ذات الخطاب، كلمة بكلمة، الذي القاه حسين الشهرستاني في مدينة سامراء الضاجة بالتظاهرات.
هذا هو الوجه الرسمي لتلبية مطالب المتظاهرين، غير ان تفحص ما وراء القناع، يبين ان هناك محاولات احتواء ومناورات وتسويف غايتها وضع حد للتظاهر والاعتصامات واشغال المتظاهرين بتفاصيل تلهيهم عن الاهداف الحقيقية. اذ هاهو السيد مقتدى الصدر يصدر بيانا من ست نقاط لتكون مطالب المتظاهرين والمعتصمين موحدة، محملا الجهة التي تخالف هذا التوجيه 'جميع التبعات اللازمة'. ومن يقرأ المطالب سيجدها، في جوهرها، ابقاء للقوانين والحال كما هو واقتصار المطالبات على 'التطبيق الحيادي والعادل'. وهو موقف يماثل موقفه ايام تظاهرات ساحة التحرير ببغداد حين طالب المالكي بمهلة شهر لانجاز بعض التغييرات فمنحه الصدر، بسخاء، مدة 100 يوم والذي سبقه، اذا ماعدنا بالذاكرة الى عام 2003 وانطلاق المقاومة، مناورة تأجيل مقاومة المحتل وإعطائه مهلة ستة أشهر وتمديدها الى سنة بعد ذلك!
هناك، ايضا، مسألة اطلاق سراح بعض المعتقلين الذين تبين ان احكام اطلاق سراحهم كانت صدرت منذ شهور بلا تنفيذ، مع بقاء آلاف المعتقلين منذ سنوات في غياهب السجون، بل واعتقال ما يزيد على الالف مواطن شهريا. فما الفائدة من إطلاق سراح 300 أو 400 معتقل أن كنت تعتقل 1500 في الشهر الواحد؟
ان تحقيق العدالة يتطلب، بشكل اساسي، معاملة كل العراقيين كمواطنين متساوين أمام القانون، من قبل حكومة وطنية يتمتع الجميع فيها بالامان والحرية وحقوق الانسان ونبذ اساليب التعذيب وايجاد السبل الانسانية لتطبيق العدالة الانتقالية للتخلص من دائرة الانتقام التي باتت تتحكم بالمجتمع. وإذا كان السيد مقتدى الصدر يشدد على 'على ضرورة تطبيق المختصين المساءلة والعدالة بعدالة ومن دون ظلم ولا إجحاف'، أفلا يجدر به أن يدعو الى شمول هذا القانون مرتكبي جرائم السنين العشر الأخيرة أيضا؟ حينئذ، قد يكون هذا الشمول مفتاح وعي السياسيين بمبدأ المحاسبة الفردية لا الجماعية والأيديولوجية، ويجعلهم، كغيرهم يحاسبون عند ارتكاب جريمة ما، وبلا حصانة من 'تطبيق القانون العادل'.
لقد اثبت النظام الحالي، حتى الآن، وعلى الرغم من ميزانيته الهائلة وقوة أمنه وقوات الشرطة والجيش وفرقه الخاصة، فضلا عن تواجد الحماية الامريكية المستمرة باشكال مختلفة، عجزه عن تحقيق أي من الاساسيات لصالح الشعب. فالمواطن لايزال يسقط، بالعشرات يوميا، ضحية سهلة لعمليات الارهاب المتواصلة التي لا يعرف منفذوها. ويصرخ ذوو الضحايا وهم يلتقطون اشلاء ابنائهم بصوت يقطع نياط القلب : اين هي الحكومة؟ كيف يتم التنفيذ وهناك المئات من نقاط التفتيش والجدران الكونكريتية وجيش جرار من اجهزة الأمن والمخبرين؟ اين هي الفرق الخاصة، والفرقة الذهبية أو الفرقة القذرة؟ أم لعلها هي المسؤولة تحت مسمى القاعدة خاصة وان مختلف التقارير تشير الى وجود انواع متعددة من القاعدة؟
ولايتوقف المواطنون، من مختلف المدن عن توجيه اللوم الى الساسة المنشغلين بالنزاع حول المناصب وسمسرة العقود والفساد. فعلى من تقع مسؤولية تفجيرات، يوم الاربعاء والخميس الماضين، التي عمت مدنا عدة؟
ان عجز النظام يتفاقم يوما بعد يوم، واستمرار الاعتصامات والتظاهرات السلمية، واحدة من السبل المهمة لتعرية ظلم النظام وقمعه وتمييزه بين المواطنين دينيا ومذهبيا وعرقيا، كما انه خطوة ضرورية لتغييره.
ويوافق الصحافي جاسم الشمري (15 كانون الثاني - السبيل الاردنية) مثقفي اليسار رأيهم قائلا بأن هناك، حقا، تمويلا للحراك الشعبي. ولكن هوية الممولين الحقيقيين هي الظلم، هي باختصار شديد' الاعتقالات العشوائية المستمرة في عموم البلاد. التعذيب المستمر داخل المعتقلات الحكومية السرية والعلنية. ابقاء المعتقلين قيد الاحتجاز لسنوات دون أن تعرض أوراقهم على القضاء. وشايات المخبر السري الباطلة. اتباع الحكومة لأساليب بعيدة عن الأخلاق الإسلامية والعربية والأعراف الاجتماعية، ومن ذلك اعتقال النساء بدلاً عن الرجال؛ كورقة ضغط من أجل تسليمهم أنفسهم بعدما تركوا بيتهم خوفاً من الاعتقالات العشوائية الظالمة. المادة (4 ) ارهاب، وهي مادة مسمومة تشمل كل من يعارض الوضع الحالي في العراق، وأحكامها قد تصل إلى الاعدام'. ويرى الشمري ان 'أهم الممولين للبركان العراقي، هو النفس الطائفي المقيت' الذي يبثه النظام الحالي وان ادعى الوطنية. ازاء هذه الانتهاكات التي يرقى الكثير منها الى مستوى الجرائم اليومية بحق المواطنين، هل المتظاهرون بحاجة الى المئة دولار، ثمنا، كما اتهمهم المالكي، لينطلقوا الى شوارع وساحات مدنهم مطالبين بحقوقهم القانونية المشروعة ؟
ولننظر الى رد فعل النظام وتلبيته لمطالب المتظاهرين خلال الاسبوع الماضي. لقد انخفض معدل ظهور 'دولة رئيس الوزراء' امام اجهزة الأعلام واطلاقه التصريحات المهينة للشعب الى أدنى مستوى. واصبحت جملة 'مطالب المتظاهرين مشروعة' هي الشائعة بين الساسة. وتم اطلاق سراح 13 معتقلة (طالما انكر النظام وجودهن اساسا!) و335 معتقلا. ووقف حسين الشهرستاني، رئيس اللجنة السباعية في التحقيق بقضايا المعتقلين ومطالب المتظاهرين، معتذرا من المعتقلين الابرياء (بعضهم قضى ما يزيد على الاربع سنوات في المعتقل بلا حكم قضائي)، استجابة لمطالب المتظاهرين بعد ان كان رئيس حكومته قد وصف التظاهرات بالفقاعة ومطالبهم بالنتنة.
ومن الضروري تفحص الاسباب التي دعت النظام الى تغيير موقفه من الاحتقار المطلق للمتظاهرين الى تقديم التنازلات، مهما كانت شكلية أو مؤقتة. اهم الاسباب هي : اولا اصرار وصمود المتظاهرين على البقاء وقدرتهم على التنظيم ومحافظتهم على سلمية التظاهرات. ثانيا : زيارة العلامة الشيخ عبد الملك السعدي للمتظاهرين في الانبار (حيث اندلعت شرارة الانتفاضة) وخطابه التوحيدي (في 1 كانون الثاني) قائلا: 'انكم 'شيعة' طالما تحبون آل البيت عليهم السلام، والشيعة هم 'سنة' طالما يقدسون السنة النبوية ويعدونها بعد كتاب الله مرجعية لهم'. ثالثا: بعد سماع خطاب السعدي، أيد السيد مقتدى الصدر (2 كانون الثاني) مطالب المتظاهرين بداية، رابعا : زيارة ممثل الامم المتحدة في العراق مارتن كوبلر (يصفه البعض بانه صوت امريكا في العراق) للمرجع الديني الأعلى علي السيستاني (13 كانون الثاني)، لبحث 'الأزمات التي تمر بها البلاد' بعد ان قام بزيارات مكوكية سريعة الى رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني ( 12 كانون الثاني)، ورئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي، في (10 كانون الثاني)، وعدد من الساسة الآخرين. وكان كوبل قد دعا في (9 كانون الثاني)، المتظاهرين إلى الحفاظ على الطابع السلمي للتظاهرات، فيما طالب القوات الأمنية بممارسة أقصى درجات ضبط النفس. وصرح كوبلر بان لقاءه بالمرجع السيستاني بدد ' مخاوف للأمم المتحدة بخصوص جر البلد الى العنف من جديد'. خامسا: يوم 14 كانون الثاني، اصدر آية الله علي السيستاني توصياته برفض حل البرلمان، وتطبيق أغلب مطالب المتظاهرين في موضوعي المعتقلين وحقوق المشمولين بقانون الاجتثاث.
ومن المفيد قراءة تصريح كوبلر الذي اعقب زيارته للمرجعية لفهم طبيعة ما تلاها من توصيات جعلت قادة التحالف الوطني الحاكم وبقية ساسة 'العملية السياسية' يتراكضون للقاء بعضهم البعض ومحاولة ايجاد مخرج لما يكاد يلتهمهم قبل غيرهم من تغيير، اذ قال: 'لم أتخذ أية مواقف تجاه شرعية المطالب، ولكنني قلت أن بعضها يمكن معالجته على الفور في حين أن بعضها الآخر يمكن التصدي له على المدى الطويل'. وهو ذات الخطاب، كلمة بكلمة، الذي القاه حسين الشهرستاني في مدينة سامراء الضاجة بالتظاهرات.
هذا هو الوجه الرسمي لتلبية مطالب المتظاهرين، غير ان تفحص ما وراء القناع، يبين ان هناك محاولات احتواء ومناورات وتسويف غايتها وضع حد للتظاهر والاعتصامات واشغال المتظاهرين بتفاصيل تلهيهم عن الاهداف الحقيقية. اذ هاهو السيد مقتدى الصدر يصدر بيانا من ست نقاط لتكون مطالب المتظاهرين والمعتصمين موحدة، محملا الجهة التي تخالف هذا التوجيه 'جميع التبعات اللازمة'. ومن يقرأ المطالب سيجدها، في جوهرها، ابقاء للقوانين والحال كما هو واقتصار المطالبات على 'التطبيق الحيادي والعادل'. وهو موقف يماثل موقفه ايام تظاهرات ساحة التحرير ببغداد حين طالب المالكي بمهلة شهر لانجاز بعض التغييرات فمنحه الصدر، بسخاء، مدة 100 يوم والذي سبقه، اذا ماعدنا بالذاكرة الى عام 2003 وانطلاق المقاومة، مناورة تأجيل مقاومة المحتل وإعطائه مهلة ستة أشهر وتمديدها الى سنة بعد ذلك!
هناك، ايضا، مسألة اطلاق سراح بعض المعتقلين الذين تبين ان احكام اطلاق سراحهم كانت صدرت منذ شهور بلا تنفيذ، مع بقاء آلاف المعتقلين منذ سنوات في غياهب السجون، بل واعتقال ما يزيد على الالف مواطن شهريا. فما الفائدة من إطلاق سراح 300 أو 400 معتقل أن كنت تعتقل 1500 في الشهر الواحد؟
ان تحقيق العدالة يتطلب، بشكل اساسي، معاملة كل العراقيين كمواطنين متساوين أمام القانون، من قبل حكومة وطنية يتمتع الجميع فيها بالامان والحرية وحقوق الانسان ونبذ اساليب التعذيب وايجاد السبل الانسانية لتطبيق العدالة الانتقالية للتخلص من دائرة الانتقام التي باتت تتحكم بالمجتمع. وإذا كان السيد مقتدى الصدر يشدد على 'على ضرورة تطبيق المختصين المساءلة والعدالة بعدالة ومن دون ظلم ولا إجحاف'، أفلا يجدر به أن يدعو الى شمول هذا القانون مرتكبي جرائم السنين العشر الأخيرة أيضا؟ حينئذ، قد يكون هذا الشمول مفتاح وعي السياسيين بمبدأ المحاسبة الفردية لا الجماعية والأيديولوجية، ويجعلهم، كغيرهم يحاسبون عند ارتكاب جريمة ما، وبلا حصانة من 'تطبيق القانون العادل'.
لقد اثبت النظام الحالي، حتى الآن، وعلى الرغم من ميزانيته الهائلة وقوة أمنه وقوات الشرطة والجيش وفرقه الخاصة، فضلا عن تواجد الحماية الامريكية المستمرة باشكال مختلفة، عجزه عن تحقيق أي من الاساسيات لصالح الشعب. فالمواطن لايزال يسقط، بالعشرات يوميا، ضحية سهلة لعمليات الارهاب المتواصلة التي لا يعرف منفذوها. ويصرخ ذوو الضحايا وهم يلتقطون اشلاء ابنائهم بصوت يقطع نياط القلب : اين هي الحكومة؟ كيف يتم التنفيذ وهناك المئات من نقاط التفتيش والجدران الكونكريتية وجيش جرار من اجهزة الأمن والمخبرين؟ اين هي الفرق الخاصة، والفرقة الذهبية أو الفرقة القذرة؟ أم لعلها هي المسؤولة تحت مسمى القاعدة خاصة وان مختلف التقارير تشير الى وجود انواع متعددة من القاعدة؟
ولايتوقف المواطنون، من مختلف المدن عن توجيه اللوم الى الساسة المنشغلين بالنزاع حول المناصب وسمسرة العقود والفساد. فعلى من تقع مسؤولية تفجيرات، يوم الاربعاء والخميس الماضين، التي عمت مدنا عدة؟
ان عجز النظام يتفاقم يوما بعد يوم، واستمرار الاعتصامات والتظاهرات السلمية، واحدة من السبل المهمة لتعرية ظلم النظام وقمعه وتمييزه بين المواطنين دينيا ومذهبيا وعرقيا، كما انه خطوة ضرورية لتغييره.